سياحة وسفر

الأقصر تستعيد رونقها بتمثالين ضخمين للملك أمنحتب الثالث

افتتح وزير السياحة والآثار شريف فتحي، اليوم الأحد، مشروع إزاحة الستار عن تمثالين ضخمين من الألبستر للملك أمنحتب الثالث، وذلك خلال زيارته لمدينة الأقصر لتفقد المواقع الأثرية، حيث أُعيد ترميمهما وتركيبهما ورفعهما بموقعهما الأصلي بالصرح الثالث بالمعبد الجنائزي للملك بالبر الغربي، في إنجازٍ وصفه الوزير بالعمل المتميز الذي يعكس شغفًا والتزامًا كبيرًا.

وأكد الوزير أن عملية ترميم ورفع تمثالي الملك أمنحتب الثالث تستهدف الحفاظ وإحياء أحد أهم معالم الحضارة المصرية العريقة، بما يليق بقيمتها التاريخية، ويسهم في تعزيز مكانة الأقصر كأحد أهم المقاصد السياحية والثقافية عالميًا، مشيدًا بالتعاون المصري الألماني الممتد الذي يمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون الدولي المثمر، ومتطلعًا لاستمراره لخدمة أهداف الحفاظ على التراث الإنساني.

ووجه الشكر والتقدير إلى جميع العاملين بالمشروع مثمنًا ما بذلوه من جهود استثنائية ودقة وإخلاص وتفانٍ في إنجاز هذا العمل على النحو المشرف، لافتًا إلى أن تعاملهم مع آلاف الأطنان من الأحمال الثقيلة يعكس حجم التحديات التي واجهوها، موضحًا أن هذا الإنجاز يعد ملموسًا يبعث على الفخر، ويجسد إيمان القائمين عليه بعظمة الحضارة المصرية وعمقها التاريخي.

وكرم الوزير الدكتورة هوريج سوروزيان، حيث قدم لها شهادة تقدير من وزارة السياحة والآثار، تقديرًا لجهودها المتواصلة وعطائها المتميز على مدار السنوات الماضية في إحياء المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث، بالإضافة إلى إهدائها مستنسخًا لأحد تماثيل الإلهة سخمت إلهة الحماية، التي تم الكشف عن عدد كبير من تماثيلها بالموقع خلال فترة إشرافها على المشروع.

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أن تنفيذ أعمال ترميم وتوثيق وإعادة تركيب ورفع هذين التمثالين الضخمين، التي استمرت قرابة عقدين من الزمن، تمت وفق أحدث الأساليب العلمية والمعايير الدولية المعتمدة في مجال الترميم الأثري، وبما يضمن الحفاظ على أصالتهما وقيمتهما التاريخية.

وأشار إلى أن أعمال الترميم شملت دراسات علمية دقيقة، وتوثيقًا شاملًا لحالة التمثالين، واستخدام مواد متوافقة مع طبيعة الحجر الأثري، بما يضمن استدامتهما على المدى الطويل، مع مراعاة الظروف البيئية والمناخية المحيطة بالموقع، واصفًا ما تم بالخطوة الهامة ضمن خطة متكاملة لإحياء وتطوير المواقع الأثرية بالبر الغربي بالأقصر.

ويصور التمثالان الملك أمنحتب الثالث جالسًا، ويداه مستقرتان على فخذيه، مرتديًا غطاء الرأس «النمس» يعلوه التاج المزدوج والنقبة الملكية ذات الطيات، وتزين ذقنه لحية احتفالية، بينما يكتمل زيه بذيل الثور التقليدي، ويصاحب التمثالين عدد من تماثيل الملكات، تتقدمهن الزوجة الملكية العظمى «تي»، إلى جانب تماثيل للأميرة «إيزيس» والملكة الأم «موت إم ويا».

ويأتي هذا ضمن أعمال مشروع الحفاظ على تمثالي ميمنون ومعبد الملك أمنحتب الثالث الذي بدأ عام 1998، بالتعاون بين المجلس الأعلى للآثار والمعهد الألماني للآثار بالقاهرة والعديد من الجهات الدولية، بهدف حماية ما تبقى من المعبد وإعادته إلى شكله الأصلي قدر الإمكان، وقد أسفرت الأعمال عن اكتشاف وترميم وتوثيق وإعادة تركيب ورفع العديد من التماثيل التي كانت موجودة بالمعبد بالإضافة إلي بعض عناصره المعمارية.

وكشفت الدكتورة هوريج سوروزيان عن أن البعثة كانت قد عثرت على مدار سنوات عملها بالمشروع على أجزاء من هذين التمثالين بصورة متفرقة بالموقع، ولكنهما كانا في حالة سيئة من الحفظ حيث غمرها الطمي والمياه المالحة، كما تم استعادة بعض الكتل الجرانيت المكونة لقاعدة التمثالين، من المتحف المفتوح بمعابد الكرنك، ويتراوح ارتفاع هذين التمثالين ما بين 13.6 و14.5 متراً.

ووصف مدير المعهد الألماني للآثار بالقاهرة، الدكتور ديترش راو، المشروع بأنه أحد أكبر وأهم المشروعات الأثرية المشتركة، موضحًا أن المشروع شهد تنفيذ العديد من الأعمال المعقدة، في إطار تعاون وثيق ومثمر، معربًا عن خالص شكره للوزارة على دعمها المتواصل الذي ساهم في الوصول بالمشروع لافتتاحه اليوم، مؤكدًا أن هذا الإنجاز هو ثمرة تعاون مشترك لفريق دولي ومحلي ضم خبراء مصريين وأجانب.

واستعرضت الدكتورة نايري هابيكيان أبرز التحديات التي واجهت أعمال المشروع خلال السنوات الماضية، والتي تمثلت في التغير المستمر في منسوب المياه الجوفية، ارتفاعًا وانخفاضًا، وهو ما تطلّب حلولًا هندسية وفنية دقيقة للحفاظ على استقرار الموقع الأثري، مشيرة إلى أن المشروع مثّل فرصة حقيقية لبناء كوادر مصرية مؤهلة، حيث تم تدريب وتأهيل أكثر من $30$ مرممًا مصريًا، واستقطاب نحو $10$ مهندسين معماريين للعمل في مجال الآثار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *