تسببت زيادة عدد ساعات انقطاع الكهرباء بشكل مفاجئ في اندلاع موجة من الغضب الشعبي، استرعت اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وجه الحكومة بالعمل الفوري لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من فترات الانقطاع والتوزيع العادل لها، مع التركيز على إنهاء الأزمة تماما في أقرب وقت ممكن، وفق ما نقل عنه مصدر رفيع المستوى.
وتزامن ذلك مع بيان اعتذار لوزراتي الكهرباء والبترول، قالتا فيه إن استمرار الارتفاع الشديد فى درجات الحرارة عن المعدلات الطبيعية لهذه الفترة والذى تعانى منه العديد من دول المنطقة ، هو السبب في زيادة ساعة إضافية إلى تخفيف الأحمال.
وأضافت الوزارتان أنه تم إتخاذ إجراءات عاجلة وفورية لاستيراد وضخ شحنات وكميات إضافية من الغاز والمازوت لمجابهة الاستهلاك المتزايد في ظل استمرار الموجة الحارة المبكرة.
إلا أنّ بيان الوزارتين زاد من حالة الغضب والجدل، ما دفع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى الخروج لتهدئة الشارع، في كلمة مصورة قدم خلالها اعتذاره إلى جموع الشعب، وأعلن عن وضع خطة لتخفيف فترة انقطاع الكهرباء وتجاوز الأزمة فى الصيف بتكلفة تقدر بمليار دولار، بجانب التعاقد على شحنات من المازوت ستصل بداية الأسبوع المقبل بتكلفة 180 مليون دولار.
لكنّ مدبولي أوضح أنه لا يمكن الحصول على هذه الشحنات دفعة واحدة، لأن هذا الأمر يستغرق وقتًا طويلًا في التعاقدات، وبناء على تقدير وزير البترول، ستكون الحكومة قادرة على الوصول إلى الحجم الكامل من الشحنات التي تمكنها من وقف قطع الكهرباء بصورة تامة طوال فترة الصيف مع الأسبوع الثالث من شهر يوليو.
كما لفت رئيس الوزراء إلى أن الخطة الموضوعة من جانب الحكومة كانت تتضمن العمل على وقف انقطاع الكهرباء بنهاية العام، قائلا:” بعد انتهاء فصل الصيف سيتبقى شهرين أو ثلاثة أشهر على نهاية العام، وهو ما سيتم خلالها العمل على التقليل من تخفيف الأحمال من خلال خطة سيتم العمل عليها، والمبالغ الإضافية المطلوب تدبيرها من جانب الدولة لتوفير المنتجات والشحنات اللازمة للتقليل من تخفيف تلك الأحمال حتى نهاية العام”.
وأشار مدبولي أن سبب زيادة قطع الكهرباء لثلاث ساعات هو توقف أحد الحقول بدول الجوار عن ضخ الغاز لمدة 12 ساعة قبل أن يعود بكامل إنتاجه لاحقا.
وقال أجدد اعتذار الحكومة للشعب عن موضوع قطع الكهرباء، قائلا: “بيجيلى رسائل من شكاوى قطع الكهرباء ومدى معاناة المواطنين والأسر المصرية”، مضيفا: “سيتم إنهاء أزمة الكهرباء بالكامل بنهاية العام الجارى، كما قلنا من قبل، لا يوجد أزمة توليد طاقة ولا نقل ولكنها أزمة تدبير الوقود”.
وصرح مدبولي بأنه طلب من وزير التنمية المحلية البدء في تفعيل أولى خطوات عملية الترشيد بأن يتم اعتبارا من مطلع الشهر المقبل إغلاق مختلف المحلات التجارية والمولات على مستوى الجمهورية في الساعة العاشرة مساء، ما عدا: الصيدليات، والسوبر ماركت، والمطاعم، على أن يتم إغلاق المطاعم والسوبر ماركت في الساعة الواحدة صباحاً.
وأكد أن هذه الاجراءات تعتبر جزءا من خطة تساعد في عمليات الترشيد، مطالباً المواطنين بأهمية المشاركة في تطبيق عمليات الترشيد داخل المنازل أيضا، ومختلف المنشآت، حيث إن ذلك يساعد الدولة في تقليل حجم المنتجات البترولية المستوردة.
من جهته قال النائب نادر الخبيري، إن تصريحات مدبولي كشفت عن خطة الدولة لمواجهة هذه الظاهرة، مؤكدا أن التغيرات المناخية تتطلب اتخاذ إجراءات فورية ومستدامة لتحسين إدارة واستخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة، ولتعزيز الاستثمار في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا البيئية.
وشدد النائب نادر الخبيري، على ضرورة تشجيع الابتكار في مجالات الطاقة البديلة والتكنولوجيا النظيفة، لتعزيز استدامة مستقبل الطاقة.
ويرى الدكتور السعيد غنيم، النائب الأول لرئيس حزب المؤتمر، أن تعزيز الموارد الذاتية من أبرز التحديات التى تواجه الحكومة الجديدة، وذلك لتعظيم الاستفادة من الأصول سواء المستغلة أو غير المستغلة إضافة لمواجهة التحديات الاقتصادية القائمة سواء الداخلية أو الخارجية.
ولفت إلى أن أزمة الطاقة الراهنة تأتي نتيجة التغيرات المناخية التي أثرت بشكل كبير على هذه الازمة التي عانت منها كل الدول المحيطة بنا، وعلى المجتمع المدنى أن يتعاون مع الدولة للتوعية بهذه التداعيات في تغير المناخ الذى يعد سبب أصيل في أزمة الكهرباء الحالية.
وفيما اعتبر عدد من النواب أن تصريحات رئيس الوزراء كاشفة وتحمل قدرا كبيرا من الشفافية، فقد انتقدها آخرون، لا سيّما مسألة إغلاق المحال التجارية، فقد كتب النائب مصطفى بكري على منصة أكس (تويتر سابقا): “هل يعلم الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزارة أن إدارة ملف أزمة الكهرباء جاء بنتائج سلبيه في الشارع؟ وهل يعلم أن قرار إغلاق المحلات في العاشرة مساء سبب المزيد من الاحتقان ضد الحكم؟ وهل يعلم أن أزمة الكهرباء سببت عدم ثقة من الشارع في أداء الحكومة ومصداقيتها؟ وهل يعلم أن إدارة الحكومة لهذه الأزمة وغيرها من الأزمات تميز بالعشوائية وتسبب في غياب الأمل في أي إصلاح؟”.