مثّل عام 2024 نقلة نوعية للتعليم العالي والبحث العلمي في مصر، حيث عكست الجهود المبذولة إصرار الدولة على تحقيق تقدم مستدام، ومع استمرار هذه السياسات شهد عام 2024 العديد من الإنجازات التي حققتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في إطار استراتيجيتها الشاملة لتحسين جودة التعليم العالي وتعزيز البحث العلمي في مختلف القطاعات، ويأتي ذلك في سياق رؤية الحكومة لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة تستند إلى الابتكار والبحث العلمي كجزء أساسي من رؤية مصر 2030، ومن المقرر تنفيذ مشروعات جديدة في العام المقبل تشمل تحديث المناهج الدراسية، واستكمال بناء الجامعات التكنولوجية، وزيادة الشراكات الدولية، كما تنوعت هذه الإنجازات بين تطوير البنية التحتية، التوسع في الجامعات الأهلية والدولية، وتعزيز التعاون الدولي في مجال البحث العلمي.
افتتاح جامعات أهلية جديدة
وخلال عام 2024 تم افتتاح 5 جامعات أهلية جديدة في مختلف المحافظات، في محافظات القليوبية، أسيوط، المنوفية، الأقصر، والغربية، ليصل إجمالي الجامعات الأهلية إلى 15 جامعة. كما تم تدشين 20 كلية وبرنامجًا أكاديميًا جديدًا متخصصًا في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، الهندسة الطبية الحيوية، والطاقة المتجددة، حيث ارتفعت نسبة القبول في التعليم الجامعي إلى 37% من الفئة العمرية 18-23 عامًا، مقارنة بـ 35% في عام 2023، وذلك بهدف توفير فرص تعليمية عالية الجودة وتقليل الكثافة الطلابية في الجامعات الحكومية، واستجابة لاحتياجات سوق العمل المحلي والعالمي.
وفي هذا السياق قال الدكتور محمود عبد القادر، أستاذ التخطيط الاستراتيجي لـ”البورصجية”: “خطوة التوسع في الجامعات الأهلية تمثل نقلة نوعية في التعليم العالي المصري، حيث تقدم برامج تعليمية تنافسية بأسعار معقولة مقارنة بالجامعات الدولية، مما يسهم في تقليل نزوح الطلاب للدراسة بالخارج.”
دعم البحث العلمي
وفيما يتعلق بمجال البحث العلمي، خصصت الوزارة ميزانية تصل لـ 10 مليارات جنيه لدعم البحث العلمي ودعم المشاريع البحثية الموجهة لحل المشكلات القومية، مثل تحسين كفاءة الموارد المائية والطاقة المتجددة، وذلك زيادة بنسبة 15% مقارنة بالعام الماضي ، كما شهد عام 2024 زيادة في عدد الأبحاث المنشورة دولياً، على قواعد بيانات “سكوبس” و”ويب أوف ساينس” 42,000 بحث، مقارنة بـ 38,000 بحث في عام 2023، حيث وصل عدد الأبحاث المصرية المنشورة في قواعد البيانات العالمية إلى 40,000 بحث، وهو ما يعكس تزايد الاهتمام بجودة البحث العلمي، مما جعل مصر تحتل المرتبة الأولى في إفريقيا في النشر العلمي، كما تم تسجيل 120 براءة اختراع جديدة خلال العام.
التعاون الدولي
وفي سياق متصل، شهد عام 2024 تعزيز التعاون مع الجامعات والمؤسسات البحثية العالمية، حيث تم توقيع أكثر من 15 اتفاقية تعاون مع جامعات مرموقة في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، كما تم إرسال عدد كبير من الباحثين الشباب للحصول على منح دراسية ودورات تدريبية بالخارج، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي عبر برنامج “إيراسموس+”، مما وفر 500 فرصة تدريب ومنحة دراسية للطلاب والباحثين المصريين، كما ارتفع عدد الطلاب الوافدين في الجامعات المصرية إلى 95,000 طالب، مقارنة بـ 85,000 طالب في العام الماضي.
التحول الرقمي وتطوير البنية التحتية
كما حققت الوزارة تقدماً في رقمنه الخدمات التعليمية، حيث تم إطلاق منصة إلكترونية موحدة للخدمات الطلابية، واستفاد منها أكثر من 3 ملايين طالب وطالبة، بالإضافة إلى رقمنه 80% من المناهج الدراسية في بعض الجامعات، كما تم تطوير البنية لـ 250 معملًا علميًا في الكليات الهندسية والطبية لتواكب المعايير العالمية، وفيما يتعلق بقطاع التعليم الهجين، تم تدريب 20,000 عضو هيئة تدريس على استخدام التكنولوجيا في التدريس، وزادت نسبة استخدام التعليم الإلكتروني بنسبة 30% مقارنة بالعام الماضي.
وفي هذا السياق، أشادت الدكتورة نادية حلمي، خبيرة تكنولوجيا التعليم، بهذه الجهود قائلة: “رقمنه التعليم تمثل خطوة إيجابية نحو تحسين جودة التعليم وتوفير الوقت والجهد للطلاب وأعضاء هيئة التدريس.”
التحديات والتطلعات المستقبلية
وعلى الرغم هذه الإنجازات، تواجه الوزارة تحديات كبيرة، أبرزها ارتفاع الكثافة الطلابية في الجامعات الحكومية، وضعف التمويل لبعض القطاعات البحثية حيث أن نسبة الإنفاق على البحث العلمي تمثل 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أقل من المتوسط العالمي البالغ 2.5%.
وفي حوار خاص لـ”لبورصجية” أكدت الخبيرة شيماء نبيل مؤسسة معا لغد مشرق التعليمي وادمن حوار مجتمعي تربوي ومعا نطور تعليمنا أن الإجراءات المقترحة لتطوير دور الجامعات في بناء مجتمع المعرفة يكون من خلال تعزيز التعليم والبحث، وذلك من خلال تطوير مناهج دراسية متجددة وملائمة لاحتياجات سوق العمل وتكنولوجيا المستقبل بصفه مستمرة ، وتشجيع البحث العلمي والتطوير التكنولوجي ودعم المشاريع البحثية الابتكارية، وتعزيز التعاون بين الجامعات والقطاعات الحكومية والخاصة لتبادل المعرفة وتحقيق التطوير، وتنفيذ شراكات استراتيجية مع المؤسسات العالمية والمحلية لنقل التقنيات والممارسات الناجحة بشتى المجالات.
كما اكدت انه يتم تطوير الهياكل التعليمية والبنية التحتية والتنظيم من خلال تحسين هياكل الجامعات والإدارات لتعزيز الكفاءة والشفافية وتحقيق التنسيق بين الإدارات، وتشجيع تكوين فرق عمل متعددة التخصصات لتعزيز، التفكير الابتكاري وحل المشكلات بشكل حقيقي وموسع بالإضافة للرقابة الموسعة وتمكين الطلبة من اداره وحل مشاكلهم كتجربة مصغره للحياة العملية.
وذكرت شيماء نبيل أن زياه الاستثمارات تتيح التنوع في جميع المجالات أمام الطالب حيث يمكن لكل طالب يستطيع أن يجد المجال الذي يمكنه الابداع فيه، ولا شك فى أن أهم مجال للاستثمار هو الاستثمار فى التعليم، وذلك باعتباره هو حجر الأساس فى بناء الإنسان، كما ان رجال الأعمال لهم دور اصيل في هذا الاستثمار للنهوض بالتعليم وجودته لكن تحت إشراف الدولة ومؤسساتها حيث يمكنهم المساهمة في إنشاء الجامعات الجديدة المتطورة وتطوير البنية التحتية للجامعات القائمة، ودعم المشروعات البحثية التي تتناسب مع سوق العمل المحلية والعالمية مما يخلق بيئة تنافسيه على مستوى الجامعات والطلبة، وربما يخلق أيضا نوعا من السياحة التعليمية.