أخر الأخبار الجانبيةملفات وحوارات

إعادة رسم خريطة سوق العمل فى مصر

3 نصائح للوصول إلى التخصص المناسب..

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها سوق العمل العالمي مدفوعة بثورة تكنولوجية لا تهدأ، يواجه طلاب مصر معضلة جوهرية: كيف يمكن اختيار تخصص جامعي لا يضمن مجرد وظيفة، بل يؤسس لمستقبل مهني مستدام ويساهم في بناء اقتصاد وطني أكثر قوة؟

لم تعد التخصصات مجرد عبور أكاديمي نحو التوظيف، بل أصبحت تمثل جوهر الهوية المهنية للفرد، فالمجالات الجديدة مثل: الذكاء الاصطناعي، البرمجة، تحليل البيانات، والأمن السيبراني باتت لغة العصر، ومحركًا رئيسيًا للاقتصاد العالمي، ما يحتم ضرورة إعادة التفكير في آلية توجيه الطلاب لاختيار تخصصاتهم بعيدًا عن العشوائية أو ضغط “الموضة السوقية”.
ومع تغيّر خريطة الوظائف بشكل غير مسبوق، لم تعد بعض التخصصات التقليدية تلبي احتياجات السوق، بينما تصدرت تخصصات التكنولوجيا الرقمية المشهد بوصفها الأعلى طلبًا والأسرع نموًا في السنوات المقبلة.

في تصريح خاص لجريدة “البورصجية”، حذّر كريم ناجح، مستشار تطوير الأعمال ومدرب الكارير، من الانسياق الأعمى وراء متطلبات السوق دون دراسة ذاتية كافية.

كريم ناجح، مستشار تطوير الأعمال
كريم ناجح، مستشار تطوير الأعمال

وأوضح ناجح أن العديد من الشباب يقعون في فخ “مطاردة السوق”، معتبرًا أن هذا التوجه قد يؤدي إلى مسارات مهنية غير مناسبة لقدراتهم الحقيقية، حيث قال: “كثير من الناس يركضون خلف ما يطلبه السوق دون أن يضعوا في الاعتبار ما إذا كانت مهاراتهم تؤهلهم لهذا المجال، وفي بعض الأحيان، حتى إذا حصلوا على وظيفة، لا يستطيعون التطور أو تحقيق النجاح”.

وأضاف ناجح: أن الرهان الأذكى لبناء مسيرة مهنية ناجحة يبدأ من تقييم الذات، وليس فقط من تتبع اتجاهات السوق، قائلاً: “ابدأ بقياس قدراتك ومهاراتك لتحديد المجالات التي يمكنك أن تطوّر نفسك فيها. ومن هذا المنطلق اختر التخصص الأنسب لك، حتى تتمكن من بناء نجاح طويل المدى دون الحاجة لإعادة الانطلاق بعد سنوات من الضياع”.

وفي السياق ذاته، أكد الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، في تصريحاته لـ”البورصجية”، أن معيار القدرات يجب أن يتقدم على الميول عند اتخاذ قرار اختيار التخصص الدراسي، موضحًا أن “القدرات قد لا تكون دائمًا واضحة للطالب، إلا أنه يستطيع اكتشافها من خلال أدائه في المواد الدراسية، حيث تُعد الامتحانات مؤشرًا مهمًا، وغالبًا ما تعكس المواد التي يحقق فيها الطالب درجات مرتفعة المجالات التي يمتلك فيها قدرات حقيقية”.

عاصم حجازي.
عاصم حجازي

وأشار حجازي، أن الاختيار الأكاديمي الأمثل يتطلب توافقًا بين ثلاث دوائر رئيسية: أن يكون التخصص مطلوبًا في سوق العمل، وأن يمتلك الطالب كفاءة فعلية فيه، وأن يتوافق مع ميوله واهتماماته.

وأضاف: “إذا تمكن الطالب من اختيار تخصص يحقق هذا التوازن الثلاثي، فإنه يكون قد وصل إلى الخيار المثالي. ومع ذلك، حتى إذا قل الطلب على تخصص معين، فإن التميز والقدرة في هذا المجال كفيلان بفتح آفاق النجاح وصنع الفرص”.

وحول دور الأسرة، أوضح الدكتور حجازي في تصريحاته لـ«البورصجية»، أن الأسرة تلعب دورًا محوريًا في دعم الطالب، لكنه حذّر من تحوّل هذا الدور إلى وصاية أو فرض: “دور الأسرة هو التوجيه، مش الفرض. لازم يساعدوا ابنهم يكتشف نفسه ويوفروا له معلومات، لكن ميقرروش مكانه”.

ولا شك أن السوق المصري اليوم في حاجة ماسة إلى تخصصات الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، البرمجة، والمهارات الرقمية المتقدمة. ومع ذلك، فإن الالتحاق بهذه التخصصات دون وعي ذاتي حقيقي قد يؤدي إلى نتائج عكسية، سواء على المستوى الأكاديمي أو المهني، فإن المعادلة ليست مجرد ملاحقة “ما يطلبه السوق”، بل تبدأ بفهم الذات وتقييم القدرات، ثم المواءمة بينها وبين الواقع المهني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *