توفي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إثر تحطم مروحية كانت تقله مع عدد من المسؤولين الأحد بمنطقة جبلية في شمال غرب البلاد، وفق ما أعلنت طهران الإثنين.
ويرصد موقع “البورصجية” أبرز المحطات التي ميزت مشواره، وتقلده لعدة مناصب أبرزها المدعي العام ثم رئيس السلطة القضائية وعضو مجلس الخبراء قبل توليه سدة الحكم عام 2021.
وفاته
أعلنت إيران الإثنين رسميا عن وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في تحطم مروحية كانت تقله رفقة عدد من المسؤولين الأحد بمنطقة جبلية في شمال غرب البلاد.
ونعت الحكومة مسؤولين آخرين كانوا برفقة رئيسي لدى سقوط المروحية في محافظة أذربيجان الشرقية، وهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان وإمام الجمعة في مدينة تبريز علي آل هاشم، ومحافظ أذربيجان الشرقية مالك رحمتي.
وفيما هرعت فرق البحث والإنقاذ إلى موقع التحطم وسط ضباب كثيف، بث التلفزيون الرسمي لقطات لإيرانيين وهم يؤدون الأدعية والصلوات في مسقط رأس الرئيس.
والأحد كان مصير رئيسي البالغ 63 عاما لا يزال مجهولا بعد تعرض طائرته لحادث تحطم وسط أحوال جوية سيئة بمنطقة جبلية نائية، في مشهد ضبابي محيّر وبيانات مقتضبة غذّت التساؤلات حول مصير الرئيس في حدث تابعه كثيرون حول العالم.
من هو إبراهيم رئيسي؟
تولّى الرئيس المحافظ الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي السلطة في بلاده عام 2021 وسط اضطرابات دولية واحتجاجات داخلية، بحسب وكالة “فرانس برس”.
ورئيسي الذي بدأ مسيرته المهنية في السنوات التي أعقبت الثورة الإسلامية عام 1979 والمعروف عنه قربه من المرشد الأعلى علي خامنئي، بلغ سدة الحكم بعد فوزه في انتخابات أعقبتها سنوات حفلت بالاحتجاجات والتوترات.
وغاب عن تلك الانتخابات نحو نصف الناخبين والمنافسين الأقوياء إثر منع العديد من الشخصيات السياسية ذات الثقل من الترشح.
وعلى غرار خامنئي، لطالما استخدم رئيسي لهجة تحدّ حين كانت إيران، أكبر قوة إسلامية شيعية، في مواجهة مع عدوتيها اللدودتين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وخلف رئيسي، الشخصية المعتدلة حسن روحاني الذي أبر
م حين كان رئيسا الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى الكبرى ما ساهم في تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على إيران.
الملف النووي والعلاقات مع السعودية وحرب غزة
ومثل غيره من المحافظين المتشددين، انتقد رئيسي بشدة معسكر سلفه خاصة بعد أن سحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب بلاده من الاتفاق عام 2018 من طرف واحد، معيدا فرض العقوبات على طهران.
وتولى رئيسي زمام الأمور في بلد يعاني أزمات اجتماعية واقتصادية. وبعد أن قدم نفسه على أنه نصير الفقراء والمسؤول الذي يكافح الفساد، أعلن رئيسي عن إجراءات تقشف تسببت في زيادة حادة بأسعار بعض السلع الأساسية، ما أثار غضبا شعبيا جراء ارتفاع تكاليف المعيشة.
وفي أواخر 2022، اندلعت موجة احتجاجات على مستوى البلاد عقب وفاة مهسا أميني وهي قيد الاحتجاز بتهمة انتهاكها قواعد اللباس الإسلامي الصارمة المفروضة على النساء.
حدث تاريخي
دبلوماسيا، وفي حدث تاريخي في مارس 2023، أعلنت إيران والسعودية، الخصمان الإقليميان منذ فترة طويلة، عن اتفاق مفاجئ أعاد العلاقات الدبلوماسية بينهما.
إلا أن الحرب في غزة التي اندلعت في أعقاب هجوم “طوفان الأقصى” الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، أدت إلى تصاعد التوترات الإقليمية مرة أخرى، وأدى التصعيد المتبادل إلى قيام طهران بإطلاق مئات الصواريخ والقذائف الصاروخية مباشرة على الدولة العبرية الشهر الماضي.
تلميذ خامنئي
ولد رئيسي في نوفمبر 1960 بمدينة مشهد المقدسة لدى الشيعة (شمال شرق)، حيث درس وهو شاب الفقه والأصول وتتلمذ على يد خامنئي.
تزوج من جميلة علم الهدى، أستاذة العلوم التربوية بجامعة الشهيد بهشتي في طهران وله منها ابنتان.
وكان رئيسي يبلغ 20 عاما فقط في أعقاب الثورة الإسلامية التي أطاحت بالنظام الملكي المدعوم من الولايات المتحدة، حين تم تعيينه مدعيا عاما لمدينة كرج المجاورة لطهران.
وشغل منصب المدعي العام لطهران بين عامي 1989 و1994، ونائب رئيس السلطة القضائية لمدة عشر سنوات بدءا من 2004، ثم المدعي العام للبلاد منذ 2014.
عيّنه خامنئي عام 2016 على رأس مؤسسة “أستان قدس الرضوي” (العتبة الرضوية المقدسة) الخيرية التي تدير ضريح الإمام الرضا بمدينة مشهد، إضافة إلى محفظة تضم أصولا صناعية وعقارية هائلة.
بعد ثلاث سنوات، عيّنه المرشد الأعلى رئيسا للسلطة القضائية. وكان رئيسي أيضا عضوا في مجلس الخبراء الذي يختار المرشد الأعلى.
وبعد أشهر من تولي رئيسي الذي يضع عمامة سوداء تدل على نسبه المباشر للنبي محمد، بدأت وسائل الإعلام الإيرانية تشير إليه بلقب “آية الله” في التسلسل الهرمي الديني الشيعي.
إدراجه على قامة واشنطن السوداء
أُدرج رئيسي على القائمة السوداء لعقوبات واشنطن بتهمة التواطؤ في “انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”، وهي اتهامات رفضتها طهران واعتبرتها باطلة.
وبالنسبة للمعارضة الإيرانية وجماعات حقوق الإنسان بالمنفى، فإن اسم رئيسي يقترن بالإعدامات الجماعية للماركسيين وغيرهم من اليساريين عام 1988، حين كان نائبا للمدعي العام بالمحكمة الثورية في طهران.
وعندما سُئل رئيسي عام 2018 ومرة أخرى عام 2020 عن عمليات الإعدام تلك، نفى أن يكون له أي دور فيها، رغم إشادته بأمر قال إن مؤسس الجمهورية الإسلامية الخميني أصدره لمواصلة “عملية التطهير”.
حين انطلقت “الحركة الخضراء” عام 2009 المعارضة لفوز الرئيس الشعبوي محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية، كان موقف رئيسي غير مهادن.
وقال رئيسي حينها: “لأولئك الذين يتحدثون عن الرحمة والتسامح الإسلامي، نرد: سنستمر في مواجهة مثيري الشغب حتى النهاية وسنستأصل هذه الفتنة من جذورها”.