
تتزايد التساؤلات حول قدرة أوروبا على ترسيخ مكانتها كقوة جيوسياسية مستقلة، في ظل مؤشرات واضحة على استمرار تبعيتها للولايات المتحدة، وقد استعاد مصطلح “الاستقلال الاستراتيجي”، الذي روّجت له باريس بقوة خلال ولاية “ترامب” الأولى، زخمه في الأروقة الأوروبية.
غير أن مساعي القارة العجوز، لتحقيق هذا الاستقلال بدت مهتزة بشكل لافت، حيث كشفت سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى الأخيرة، عن هشاشة الموقف الأوروبي على الساحة العالمية، وذلك قبيل جولة حوار مرتقبة مع الصين.
عجز في الشرق الأوسط وتودد لترامب:
يوم الاثنين الماضي، سلّط اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الضوء على ضعف التكتل في معالجة الأزمات المستمرة في الشرق الأوسط، مما يؤكد محدودية نفوذه في مناطق الصراع الساخنة.
وفي غضون ذلك، خلال يومي الثلاثاء والأربعاء، الماضيين، تابع العالم القادة الأوروبيين وهم يسعون جاهدين لاسترضاء “ترامب” وإقناعه بالحفاظ على التزامه تجاه حلف الناتو، وذلك خلال القمة السنوية للحلف في لاهاي.
وقد تصاعدت حدة الجدل في الأوساط الأوروبية بعدما كشف “ترامب”، عن رسائل نصية من “مارك روته”، الأمين العام لحلف الناتو، يصف فيها الأخير جهود “ترامب” بأنها تقوده “نحو نجاح كبير آخر”، وتجددت هذه الضجة بعد أن خاطب “ترامب”، “روته”، بلقب “بابا” في اليوم التالي، مما أثار استياءً واسعًا.
وفي رسالته، كتب “روته”، الذي شغل منصب رئيس وزراء هولندا لمدة 14 عامًا حتى يوليو الماضي، ولم ينجح سوى مرة واحدة في تحقيق أهداف الإنفاق الدفاعي لحلف الناتو، لـ”ترامب”: “ستدفع أوروبا ثمنًا باهظًا، كما ينبغي، وسيكون هذا فوزًا لكم”، هذه العبارات عكست ضغطًا متزايدًا على أوروبا لتقديم المزيد من التنازلات للحفاظ على الدعم الأمريكي.
تحديات الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا:
تلقي هذه التطورات بظلالها على طموحات أوروبا في أن تكون لاعبًا عالميًا مستقلًا بذاته، مما يشير إلى أن الاعتماد على واشنطن لا يزال عميقًا، خاصة في القضايا الأمنية والدفاعية، فهل ستتمكن أوروبا من تجاوز هذه التحديات الجوهرية وتجسيد مفهوم “الاستقلال الاستراتيجي” على أرض الواقع؟
اقرأ أيضا: ترامب يُطلق تصريحات نارية حول إيران والصين وسوريا