سلايدرعقارات

أزمة جديدة مركزها أوروبا.. «الرهن العقارى».. تصدع جديد فى بنيان الاقتصاد العالمى

ألقت أزمة التضخم العالمية الراهنة، بظلالٍ واسعةٍ على العديد من القطاعات الاقتصادية، وبالأخص العقارات، إذ قفزت تكاليف الرهن العقاري في عددٍ من البلدان إلى مستويات قياسية جديدة خلال هذا العام.

المملكة المتحدة تعد من أكثر البلدان التي شهدت ارتفاعًا في أسعار الفائدة، وهو الأمر الذي أحدث فوضى لدى مالكي المنازل الحاليين وأصحاب المنازل المحتملين، حسب وكالة “بلومبرج” الأمريكية.

وأكدت مجموعة “مونى فاكتس”، أن متوسط القرض العقاري ذي المعدل الثابت لمدة خمس سنوات ارتفع إلى 6.01% يوم الثلاثاء، مقتربًا من ذروة معدلاته في نهاية عام 2022، فيما ارتفع متوسط سعر الفائدة الثابت لمدة عامين إلى 6.47%، بعد أن تجاوز 6% للمرة الأولى منذ ديسمبر الشهر الماضي.

وارتفعت موافقات الرهن العقاري، والذي يعد مؤشر على الاقتراض المستقبلي، بشكل طفيف إلى 50524 في مايو الماضي، لكنها ظلت أقل بكثير من مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا المستجد.

ووفقًا لبيانات المجلس الأوروبي تشير هذه الارتفاعات إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يزيد الضغط على المشترين المحتملين، خاصة وأن ارتفاع سعر الفائدة الفعلي على الرهون العقارية الجديدة بمقدار 10 نقاط أساس، لتصل إلى 4.56% في مايو، وفقًا لمجلس أوروبا.

وفي قارة أوروبا، انخفضت معدلات بناء الشقق إلى مستويات قياسية في أوروبا، حيث شهدت ألمانيا بناء عدد أقل من الشقق السكنية قياسًا بالمستويات المعتادة، بسبب ارتفاع تكاليف الائتمان والمواد، مما يؤثر سلبًا على وضع الطلبات في صناعة البناء وكذلك على مالكي العقارات الذين يواجهون تمويلًا إضافيًا.

وقالت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، خلال الأسبوع الماضي، إن أسعار الفائدة ستستمر في الارتفاع، مؤكدة أنه لا توجد نهاية تلوح في الأفق للأزمة.

وبدا الوضع في بريطانيا مشابهًا لألمانيا إلى حدٍ كبير، لا سيما بعد أن رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة بشكل حاد مؤخرًا، وذلك على عكس المتوقع.

واتفق وزير الخزانة البريطاني، جيريمي هانت، مع المؤسسات الائتمانية الكبرى على منح دافعي التخلف عن السداد فترة سماح تصل إلى 12 شهرًا.

ومن المتوقع أيضًا تمديد شروط الرهن العقاري وتعليق المدفوعات الرئيسية، كما ذكرت “بلومبرج” أن الفترة المقبلة من الممكن أن تشهد تمديدًا لفترة حبس الرهن إلى 12 شهرًا على الأقل.

وفي السويد، ذكرت “بلومبرج”، أنه في حين تقاوم شركات العقارات بالبيع الجبري لأصولها، فإن الوقت المتاح أمامها لمعالجة أزمة الديون يتقلص، مؤكدة تلاشي قدرتها على الاقتراض من أسواق السندات والأوراق المالية، لم يعد أمام الشركات سوى بيع العقارات كأحد الخيارات الأخيرة للحصول على السيولة.

وقال جون ساندستروم، مدير محفظة استثمار في “أكتيا بنك”: “الخيار الأول أمام الشركات سيكون إعادة الرسملة وتجاوز العاصفة لكنه ليس متاحًا للجميع.. سيزداد قلقي إذا تدهور المزاج العام للسوق بصورة أكبر، حيث سيصبح إعادة تمويل القروض أكثر صعوبة“.

وتسببت أزمة العقارات في إحراج واضح لحكومة ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني، والذي واجه استجوابًا من كبار النواب، بشأن الإجراءات التي اتخذتها حكومته لمنع استغلال البريطانيين وسط ارتفاع التضخم.

وقالت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، إن رئيس الوزراء يواجه وقتًا عصيبًا بسبب هذه الأزمة، وهو الأمر الذي اضطره للمثول مرتين في السنة أمام لجنة الاتصال القوية في مجلس العموم.

وتواجه البنوك البريطانية غضبًا واسعًا إزاء أسعار الفائدة المرتفعة، والتي يتم تحويلها على الفور إلى الرهون العقارية، إلا أن معدلات الادخار تتخلف كثيرًا عن الركب.

وأكدت هارييت بالدوين، رئيسة لجنة الخزانة التابعة لحزب المحافظين، أن الاستجواب تمحور حول الضغط الذي تشهده مستويات المعيشة.

وقالت خلال حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية “BBC”، إن تجار التجزئة كانوا “بطيئين في خفض الأسعار بعد أن تجاوزنا الذروة في أسعار النفط“.

وأشارت “بالدوين” إلى المشكلات المتعلقة بفشل البنوك في تمرير فوائد معدلات الفائدة المرتفعة بنفس الوتيرة التي تسبب الألم لدافعي الرهن العقاري.

وتبقى العقارات واحدة من أكثر الأزمات التي تهدد الاقتصاد العالمي، خاصةً وأنها من أكثر المجالات جذبًا لأموال المدخرين، وهو ما يجعلها من العوامل الرئيسية المؤثرة في توجه الاقتصاد العالمي بشكل رئيسي، لا سيما وأن أي تأثر بهذا القطاع من شأنه تعميق أزمة التضخم التي يشهدها العالم في الوقت الراهن.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *