سلايدرملفات وحوارات

“أزمة الأدوية” لا تجد علاجا منذ أشهر… الأسعار تزيد ومئات الأصناف تنقص

في واحدةٍ من الأزمات الناتجة عن شح العملة الصعبة في مصر، اختفت مئات الأدوية من الصيدليات، خصوصا تلك المعالجة للأمراض المزمنة كالضغط والسكر والمرارة والغدة الدرقية والكلى واضطرابات المعدة.

وقد أكد صيادلة، تحدثت إليهم “البورصجية” أن هذه الأزمة مستمرة في التفاقم منذ شهور عديدة، بسبب نقص الخامات الدوائية المستوردة التي تعتمد عليها صناعة الدواء في مصر بنسبة تقترب من 90 بالمئة، فضلا عن زيادة أسعار المتوفر منها.

وشملت القائمة أيضا بحسب إفاداتهم اختفاء العديد من الأصناف الدوائية الخاصة بعلاج نقص الفيتامينات والكالسيوم والمناعة وهشاشة العظام وأمراض الكبد والكلى، بجانب أنواع من نقاط الأنف للرضع والكبار وعدد كبير من أدوية البرد.

وأثار ارتفاع أسعار الأدوية ونقص عدد كبير منها غضب أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، الذين طالبوا بضرورة تدخل الحكومة بشكل عاجل لمواجهة هذه الأزمة.

وأشار النواب إلى أن القطاع الطبي والصحي وسوق الدواء في مصر يعاني في الآونة الأخيرة من نقص حاد في مختلف أصناف الأدوية والعلاجات بجانب نقص المستلزمات الطبية والجراحية بغالبية المستشفيات الحكومية والتأمين الصحي مؤكدا ضرورة توفير البدائل للأدوية من النواقص.

وصرّح جمال الليثي، رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، لبرنامج تلفزيوني بأن نسبة الأدوية الناقصة تتراوح بين 30- 40 بالمئة، منها أدوية لأمراض مزمنة مثل السكر والأورام والقلب والغدد وغيرها، وهو ما يجرى تأمينه الآن. وأضاف “نحن كمصانع نعمل بمخزون خامات يكفي لمدة تتراوح بين 4 – 6 أشهر، وهذا المخزون وصل لأسابيع فقط، وبالتالي نحن في مرحلة المخاطرة”.

وعزا الليثي هذه الأزمة إلى نقص الدولار، الأمر الذي دفع المصانع إلى العمل بـ60 بالمئة من طاقتها الإنتاجية في ظل نقص الخامات المستوردة، مضيفا أن 15 بالمئة من الأدوية الناقصة ليس لها بدائل تحوي نفس المادة الفعالة، فيما تتوفر الأدوية الناقصة الأخرى بأسماء تجارية مختلفة.

ليست هناك أزمة

في المقابل، قال رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، علي عوف، إن السوق المصرية لا تعاني أي نقص في الأدوية، خاصة الأساسية، وإن كل ما يتداول حول نقص بعض الأصناف عارٍ من الصحة.

وأضاف أن “الصيادلة يقولون هناك نقصاً في الأدوية رغم تواجد بدائل عديدة لكل صنف دوائي.. هم يتحدثون عن أسماء تجارية لكن بالأسماء العلمية للمواد الفعالة فلا توجد أزمة نواقص على الإطلاق”.

وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت نقصاً في بعض الأدوية المستوردة، لكن هناك بدائل محلية يمكن أن تحل محلها، كما أن الأدوية الأجنبية التي لا بديل لها توفرها الشركة المصرية لتجارة الأدوية التابعة للحكومة المصرية وتصرفها للمرضى بموجب “وصفة طبية معتمدة”.

وفي تصريحات تلفزيونية ذات صلة، قال المتحدث نفسه إن معدل نواقص الأدوية محليًا يقدر بنسبة تتراوح بين 8 -10 بالمئة فقط، مشددا على أنه “لا بد من أن تكون هناك ثقافة أو توعية للمواطن بالدواء المثيل أو البديل للدواء المراد شراؤه، حتى لا نلتفت لأزمة نواقص الأدوية، وهو ما يحدث في أوروبا والدول الأخرى”.

ولفت إلى أن الحكومة المصرية تعطى أولوية في الإفراج عن الخامات والمُستلزمات الدوائية وخلافها، بما يُسهم في توفير الدواء الآمن الفعال للمواطنين، وكذا الحفاظ على اقتصاديات الشركات العاملة في هذا القطاع.

وتضم السوق المصرية أكثر من 170 مصنعا للدواء، ومئات الشركات المصنعة لدى الغير، بجانب 81 ألف صيدلية، و1200 مخزناً للدواء، بحسب تقديرات غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات وشعبة الأدوية بالغرف التجارية ونقابة صيادلة القاهرة.

ونقل موقع قناة “العربية” عن مصدر لم يسمه في نقابة صيادلة القاهرة، أن هناك أكثر من 17 ألف دواء مسجل في مصر، يتوفر منهم ما يتراوح بين 3 إلى 4 آلاف مستحضر فقط في الصيدليات متوسطة الحجم، وعدد أقل في الصيدليات الصغيرة.

وقال المصدر إن أزمة نقص الدواء في مصر تتلخص في ثلاث نقاط، أولها استمرار العمل بالأسماء التجارية للأدوية بدلاً من الأسماء العلمية، موضحا أن لكل دواء 14 بديلا ومثيلا، وثانيها أزمة نقص الدولار التي رفعت تكلفة استيراد المواد الخام بنسبة كبيرة على الشركات، وثالثها سوء توزيع الدواء.

وشدد على أنّ “حل مشكلة توزيع الدواء يسهم في القضاء على أزمة نقص الدواء في مصر بنسبة 70 بالمئة، فهناك شركات توجه حصة كبيرة من الأدوية للمخازن التي تقوم ببيعها للصيدليات بدون أي خصم، ما يدفع الأخيرة لرفض شرائها لعدم تحقيق أرباح”.

فيما توقع رئيس لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب أشرف حاتم، أن تشهد الفترة المقبلة انفراجة في أزمة نقص الأدوية، خاصة مع بدء الخطوات في حل أزمة الدولار، مشيرا إلى أن المشكلة في بعض الأدوية المستوردة التي ليس لها مثائل كأدوية الأورام والأدوية الموجهة، وهذه الأدوية يتم وضع أولويات لشرائها من الخارج.

وقال “أكثر من 90 بالمئة من الأدوية تصنع فى مصر، وأزمة نقص الدواء الحالية سببها نقص المادة الخام المستورة من الخارج، نتيجة عدم توفر الدولار”.

وأكد حاتم في تصريحات صحفية أنّ اللجنة تتابع هذه الأزمة أسبوعيا، وقد منحت رئيس هيئة الدواء وفريقه شهرا لوضع خطة لكيفية توفير الأدوية والمستلزمات خلال الفترة المقبلة، وكيفية تشجيع المصانع على تصنيع المواد الخام.

زيادة أسعار الأدوية

وترى شعبتا الدواء في اتحادي الغرف الصناعية والتجارية، أن هناك حاجة إلى زيادة أسعار الدواء كأحد حلول الأزمة، إذ كشف الدكتور على عوف، رئيس شعبة الدواء باتحاد الغرف التجارية، أنه سيتم التقدم بطلب لهيئة الدواء المصرية مطلع الأسبوع القادم لتحريك أسعار 1500 صنف، في ضوء ما وصفه بتطورات الأوضاع وارتفاع التكاليف.

وأضاف “1500 صنف من إجمالي 17 ألف صنف متداول، يهمنا أن زيادات أدوية الأمراض المزمنة لا تكون كبيرة، لأنها مؤثرة بشكل رئيسي على موازنة المواطن الشهرية”، وفقا للمتحدث الذي أشار إلى أن الأمر سيستغرق من من 4 لـ 6 أشهر.

وقال عوف في تصريحات تلفزيونية أن “الوضع السياسي في المنطقة وتداعيات الحرب والاضطرابات الجيوسياسية في منطقة باب المندب أثرت بشكل كبير، إضافة لمشكلة سعر الصرف محليًا تؤثر على قطاع الأدوية”.

وأوضح أن آخر المستجدات في باب المندب وتأثيرها على حركة الملاحة أثرت على استيراد مواد خام عبر البحر، وبالتالي الحل البديل لجلب المواد الخام هو الاعتماد على الطيران وهو في حد ذاته مكلف، بما يضيف أعباء على الصناعة، فضلا عن ضرورة رفع أجور العاملين في قطاع الدواء لتعويضهم عن غلاء المعيشة.

وبين أن تكلفة إنتاج الدواء زادت في عام 2023 فقط 24 بالمئة، وأنه في الظروف العادية الزيادة تكون في حدود 12 بالمئة، وهي إحصائية لشركة أمريكية تجري إحصاءً عالميًا منها مصر.

وتابع “في الظروف العادية نزيد 12 بالمئة دون أي تحديات كل عام، وفي عام 2023 تحركنا 24 بالمئة نتيجة تحريك بعض الأصناف الأكثر مبيعًا، ومع تزايد الأعباء باستمرار مع زيادة تكلفة الشحن حتى الوسيلة الأرخص تأثرت، إضافة للكهرباء والبنزين وغيرها”.

من جهته، قال جمال الليثي، رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات إن “الزيادة الكبيرة في أسعار الدولار تتطلب زيادة أسعار الأدوية بمصر بنسبة 100 بالمئة، حتى تتمكن الشركات من توفير الدواء في مثل هذه الظروف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *