سلايدرعالم

أحياء كاملة تحولت لـ”كومة رماد”.. حرائق لوس أنجلوس المدمرة لا زالت مستعرة

اتّسع نطاق الحرائق الكثيرة المستعرة في لوس أنجلوس منذ خمسة أيام والتي أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 16 قتيلا، لتطال مناطق كانت بمنأى من النيران، إذ حولت أحياء كاملة إلى كومة رماد.
ونشر الطبيب الشرعي في مقاطعة لوس أنجلوس لائحة بالقتلى دون ذكر تفاصيل عن هوياتهم. وجاء في الوثيقة أنه عثِر على خمسة من القتلى في منطقة حرائق باليساديس، و11 في منطقة حرائق إيتون.
وأتت هذه الحرائق على أجزاء كاملة من ثاني كبرى المدن الأميركية، مدمّرة أكثر من 12 ألف مبنى و15 ألف هكتار من الأراضي. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال اجتماع في البيت الأبيض إن المشهد “أشبه بساحة حرب وعمليات قصف”.
ورغم الأعداد الكبيرة للإطفائيين المشاركين في احتواء الحرائق، صدرت أوامر إخلاء طالت الجزء الشرقي من باسيفيك باليسايدس في منطقة تضمّ خصوصا مركز غيتي. وتُعرض في هذا المتحف الشهير المشيّد في جزء منه بحجر مقاوم للنيران 125 ألف تحفة فنية.
رياح سانتا آنا
والرياح التي تهب راهنا معروفة باسم “سانتا آنا” وهي مألوفة في فصلي الخريف والشتاء في كاليفورنيا. لكن خلال الأسبوع الحالي بلغت حدة غير مسبوقة منذ العام 2011، على ما أفاد خبراء بالأرصاد الجوية.
تشكل هذه الرياح كابوسا للإطفائيين لأن كاليفورنيا عرفت سنتين ماطرتين جدا أدتا إلى إنعاش الغطاء النباتي الذي يبس حاليا بسبب الشتاء الجاف الذي تشهده المنطقة.
ويشير علماء بانتظام إلى أن التغير المناخي يزيد تواتر الظواهر الجوية القصوى.
توقعات باشتداد الرياح
ويتوقّع أن تشتد الرياح التي تراجعت سرعتها الجمعة، اعتبارا من السبت، وفق الوكالة الفدرالية للاستجابة للكوارث الطبيعية، ما يضعف الآمال في احتواء الكارثة.
ووُجّهت انتقادات إلى السلطات على خلفية مدى جهوزيتها وطريقة استجابتها، رغم أنه من المبكر معرفة سبب الحرائق.
وقالت مسؤولة فرق الإطفاء كريستين كراولي لمحطة “كاي تي تي في” التابعة لـ”فوكس نيوز” إن “ثمة نقصا متواصلا في الطواقم والموارد والأموال”.
لكن خلال مؤتمر صحفي عقد السبت بحضور كراولي، قلّلت رئيسة البلدية كارين باس من أهمية التوترات السائدة، مشدّدة على أن المسؤولين السياسيين وأجهزة الإغاثة والأمن كانوا “جميعا على الموجة نفسها”.
بينما يعود سكان لوس أنجلوس الناجون إلى أحيائهم بعد حرائق الغابات المدمرة التي ضربت المدينة، يجد كثيرون أنفسهم أمام مشهد أشبه بمنطقة حرب، حيث تحولت منازلهم إلى رماد وأنقاض.
أسوأ كوارث كاليفورنيا
وصفت السلطات حرائق الغابات الأخيرة بأنها واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي شهدتها الولاية على الإطلاق. حتى الآن، أودت الحرائق بحياة 16 شخصًا، ودمّرت أكثر من 10 آلاف مبنى بالكامل أو جزئيًا.
تواصلت جهود الإطفاء على الرغم من الرياح العاتية التي بلغت سرعتها أحيانًا 160 كيلومترًا في الساعة، محملة بالجمر الذي ساهم في انتشار الحرائق عبر التلال الجافة.
وعلى الرغم من تراجع سرعة الرياح قليلًا يوم الجمعة، حذّر خبراء الأرصاد من عودتها إلى شدتها، مما يبقي الوضع خطيرًا للغاية.
خسائر 150 مليار دولار
تتوقع السلطات أن تكون كلفة هذه الحرائق الأعلى في تاريخ كاليفورنيا، مع تقديرات أولية تشير إلى خسائر تتراوح بين 135 و150 مليار دولار، فالأضرار لم تقتصر على الممتلكات، بل شملت أيضًا توقف الأنشطة السينمائية والرياضية، حيث تم تعليق تصوير العديد من الأفلام وتأجيل مباريات وأحداث بارزة.
أزمة مياه
تفاقمت أزمة الحرائق مع نقص إمدادات المياه وفقدان الضغط في صنابير الإطفاء. حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم دعا إلى تحقيق مستقل حول هذه المشكلة، واصفًا الوضع بأنه “مقلق للغاية”. وأشار إلى أن نقص الموارد والتمويل يعيق عمل فرق الإطفاء.
نهاية العالم
من أمام منزله المتفحم في ألتادينا، قال أورين ووترز: “هذا أشبه بنهاية العالم… أمر لا يمكن تصوره”. شعور بالخوف وعدم اليقين يسود بين الناجين الذين يعبرون عن قلقهم بشأن المستقبل، وسط دعوات متزايدة للحكومة لتعزيز الاستعداد لمواجهة الكوارث الطبيعية، بحسب وكالة “فرانس برس”.
فيما أشار خبراء الأرصاد إلى أن التغير المناخي يزيد من حدة الظواهر الجوية المتطرفة، مثل الرياح العاتية والجفاف. مع ازدهار الغطاء النباتي خلال السنتين الماضيتين بسبب الأمطار الغزيرة، ترك الشتاء الجاف النباتات عرضة للاحتراق السريع، مما زاد من شدة الحرائق.
حظر تجوال ليلي
فرضت السلطات حظر تجول في المناطق الأكثر تضررًا، بما في ذلك باسيفيك باليسايدس وألتادينا، في محاولة لاحتواء عمليات النهب التي رافقت الكارثة. كما تم نشر وحدات عسكرية لدعم الأمن، بينما نظم السكان دوريات محلية لحماية ممتلكاتهم.
على الرغم من حجم الكارثة، تتكاتف المجتمعات المحلية وتستعد لإعادة البناء. يقول الحاكم نيوسوم: “كاليفورنيا واجهت تحديات كبيرة من قبل، وسنتغلب على هذه الكارثة أيضًا”.
ففي ظل عمليات النهب التي تكثر في المناطق المنكوبة أو التي أخليت من سكانها، فرضت السلطات حظر تجول صارمًا يسري بين الساعة السادسة مساء والسادسة صباحا، في منطقتي باسيفيك باليسايدس وألتادينا الأكثر تضررًا.
وإزاء حجم الأضرار، طلب حاكم كاليفورنيا جافين نيسوم الجمعة “مراجعة مستقلة شاملة” لأجهزة توزيع المياه في المدينة. ووصف نقص إمدادات المياه وفقدان الضغط في صنابير الإطفاء في اللحظات الأولى، بأنه “مقلق جدا”، وهو الأمر الذي تسبب باتساع رقعة الحرائق. وكتب في رسالة مفتوحة “نحن بحاجة إلى إجابات لمعرفة ما حدث”.
والتهم الحريق الرئيسي من أصل أربعة حرائق لا تزال نشطة، أكثر من ثمانية آلاف هكتار على ساحل ماليبو وحي باسيفيك باليسايدس الراقي حيث أكدت فرق الإطفاء أنها سيطرت على 11 بالمئة من النيران صباح أمس السبت.
دعت السلطات سكان كاليفورنيا إلى الاقتصاد في استهلاك المياه لأن ثلاثة خزانات تغذي محطات مكافحة الحرائق فرغت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *