
يراهن محللون اقتصاديون، على قدرة الحكومة في تحقيق نجاحات في مجال الاستثمار في الذهب من خلال الأدوات التي تعتمد عليها، إذا ما استُكملت بنفس الوتيرة، مؤكدين أنها ستمنح مصر موطئ قدم تنافسيًا في سوق الذهب العالمية، وتفتح الباب أمام استثمارات كبرى في قطاع التعدين، خاصة في ظل الطلب العالمي المتزايد على المعدن الأصفر في السنوات الأخيرة.
وتسعى الحكومة ضمن إطار رؤية مصر 2030 إلى تعزيز دور قطاع التعدين في الناتج المحلي، مستهدفة رفع مساهمته من نحو 1٪ حاليًا إلى 5–6٪ بحلول عام 2030.
وبدوره، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة تولي أهمية كبيرة لتعزيز الاستثمار في قطاع الذهب، باعتباره أحد ركائز التنمية الاقتصادية ومصدرًا واعدًا لزيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، فضلاً عن مساهمته في جذب استثمارات أجنبية مباشرة، وتوفير فرص عمل مستدامة.
وأشار مدبولي إلى أن الحكومة تدعم التوسع في إطلاق صناديق استثمار الذهب، والتي شهدت إقبالًا كبيرًا من المواطنين منذ بداية طرحها، حيث بلغ عدد المستثمرين نحو 180 ألف مواطن، بإجمالي قيمة اشتراكات تجاوزت 1.6 مليار جنيه حتى النصف الأول من عام 2025.
دور صناديق الاستثمار في دعم السوق
وقد أطلقت هيئة الرقابة المالية مؤخرًا ثلاث صناديق رسمية للاستثمار في الذهب، أبرزها: صندوق “AZ-Gold” التابع لشركة أزيموت، وصندوق “سبيكة” التابع لشركة بلتون، إلى جانب صندوق ثالث بالتعاون مع البنك الأهلي.
وتوفر هذه الصناديق أدوات مرنة تتيح للمواطنين الاستثمار في الذهب عبر البورصة السلعية، مع إمكانية الاسترداد نقدًا أو بالحصول على الذهب المادي، بما يعزز من ثقة المستثمرين الأفراد.
مقترحات حكومية لتطوير قطاع الذهب
ضمن جهود وزارة الاستثمار والثروة المعدنية، كشفت الحكومة عن حزمة مقترحات طموحة لتطوير قطاع التعدين وزيادة مساهمته في الناتج المحلي من أقل من 1% حاليًا إلى 5–6% بحلول عام 2030، وتشمل هذه الإجراءات:
تعديل الإطار التشريعي والتنظيمي لقانون التعدين، بما يتيح مشاركة عادلة بين الدولة والمستثمر، ويقلل من الإجراءات البيروقراطية.
إطلاق منصة تعدين رقمية لتيسير التراخيص والمتابعة الإلكترونية لمشروعات التنقيب، وتسهيل الإجراءات على المستثمرين المحليين والأجانب.
التوسع في إنشاء “مدينة الذهب” بالعاصمة الإدارية الجديدة، كمجمع صناعي متكامل يشمل ورش تصنيع، ومراكز تدريب مهني، ومناطق تصدير.
عقد شراكات دولية مع شركات كبرى مثل Barrick Gold وCentamin لتعزيز الاستكشاف وزيادة حجم الإنتاج.
إعداد برامج تدريب متخصصة لبناء كوادر وطنية في علوم الجيولوجيا والتنقيب بالتعاون مع دول مثل كندا والصين وتنزانيا.
أرقام رسمية وفرص عالمية
تُشير البيانات الرسمية إلى أن مصر صدّرت ذهبًا بقيمة 2.17 مليار دولار خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2024، مقارنة بـ1.11 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق، ما يعكس نمواً بنسبة تتجاوز 95%.
وبلغ حجم الإنتاج المحلي أكثر من 640 ألف أونصة ذهب خلال نفس الفترة، وفق بيانات هيئة الثروة المعدنية.
وارتفعت تدفقات صناديق الاستثمار العالمية في الذهب إلى أكثر من 30 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2025 فقط، وهي أعلى نسبة منذ عام 2020.
خطوة استراتيجية… وتحديات أمام زيادة الإنتاج
من جانبه، قال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن إطلاق صناديق الاستثمار في الذهب يُعد تحولًا مهمًا في إدارة مدخرات الأفراد في مصر، لأنه يوفّر بديلاً منظمًا وشفافًا عن شراء السبائك والاحتفاظ بها منزليًا، ويُساهم في تقليل المضاربة في السوق.
وأضاف أن هذه الصناديق تعزز الشمول المالي، وتسمح بدمج الذهب في الدورة الاقتصادية بشكل أكثر كفاءة.
فيما أشار المهندس عادل غانم، خبير التعدين واستشاري تطوير المناجم، إلى أن مصر تمتلك فرصًا واعدة لزيادة إنتاج الذهب، لا سيما في صحراء مصر الشرقية، لكنه شدد على ضرورة تسريع تنفيذ المنصة الرقمية للتعدين، وتوفير آلية واضحة وشفافة لتخصيص مناطق الامتياز.
كما دعا إلى تعزيز الشراكات مع الشركات العالمية الكبرى، ونقل التكنولوجيا الحديثة في التنقيب والتكرير، من أجل تحقيق قفزة في كفاءة الإنتاج وزيادة القيمة المضافة محليًا.