شهدت البورصة المصرية، العديد من التحديات خلال العام الماضى تأثرا بالأحداث العالمية على رأسها الحرب الروسية الأوكرانية التي تحكمت في أداء الأسواق والبورصات الدولية لفترات طويلة من العام خاصة في نصفه الأول وبعد معاناة استمرت طوال الأشهر السبعة الأولى من عام 2022، ولكن تعافى السوق بداية من مطلع شهر أغسطس تزامنا مع التغييرات في قيادات سوق المال والتفاؤل الذي ساد بين أوساط المستثمرين لتبدأ البورصة رحلة ناجحة من التعافي عوضت فيها كل خسائرها، بل تحولت الخسائر إلى مكاسب اقتربت من 200 مليار جنيه ليلامس رأس المال السوقي للبورصة في منتصف ديسمبر مستوى التريليون جنيه لأول مرة منذ أبريل 2018.
ومع بداية عام جديد تستعرض “البورصجية” أهم التحديات التى قد تواجه البورصة خلال العام الجارى..
وأكد خبراء سوق المال لـ “البورصجية” أن من هذه التحديات ارتفاع أسعار الفائدة الذي انتهجه البنك المركزى فى اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير وإطلاق البنوك التجارية شهادات بعائد وصل إلى 25% سنوياً وهو من المؤكد أنه يقلل من طموحات البورصة المصرية الصعودية، ورأوا أيضا أنه تظل مشكلة الضرائب على الأرباح الرأسمالية تؤرق محافظ سوق المال وتستمر المطالب بضرورة اعادة النظر فى هذه الضريبة مرة أخرى.
وقال محمد سعيد العضو المنتدب بشركة أى دى تى للاستشارات والنظم إن البورصة المصرية استهلت تداولاتها فى عام 2023 بأداء إيجابي رائع على كافة الأصعدة ففى حين ترتفع أسعار الأسهم بشكل جماعي تتحسن كذلك مستويات السيولة ليرتفع متوسط أحجام التداول لما يدور حول 3 مليارات جنيه فى الجلسة الواحدة، وترتفع القيمة السوقية لما يزيد عن التريليون جنيه.
وأضاف أن الأداء الإيجابي للبورصة المصرية يأتي نتاجا لما جاء عليه أداؤها فى النصف الثانى من العام الماضي الذي شهد بداية اتخاذ البورصة المصرية اتجاهها الصاعد وشهد استقبال البورصة المصرية لأعداد كبيرة ومتنوعة من المستثمرين الذين يقبلون على ضخ استثماراتهم فى الأسهم المصرية التي أنفردت وقتها بمستويات سعرية هي الأدنى في مضاعفات ربحيتها بين أسواق الأسهم حول العالم، مما ساهم فى عودة المؤسسات بشكل واضح إلى البورصة على مستوى المؤسسات المحلية والأجنبية مترافقاً مع إقبال العديد منها على تقديم عرض للاستحواذ على عدد من الشركات المصرية فى مختلف القطاعات وبخاصة المؤسسات الخليجية، ولعل البورصة المصرية فى الفترة السابقة قد تألقت باعتبارها أداة التحوط الأفضل ضد التضخم الذى استفحل فى الفترة الأخيرة
ورأى إنه على الرغم من التوقعات المتفائلة باستمرار الأداء الإيجابي للبورصة فى العام الجديد بالنظر إلى التضخم الذي ما زال عند مستويات قياسية وفي ظل استمرار التراجع فى قيمة الجنيه المصرى مقابل العملات الأخرى، إلا أن العديد من التحديات تواجه البورصة خلال الايام القادمة.
وأشار إلى إنه يأتى فى مقدمة هذه التحديات ارتفاع أسعار الفائدة الذي انتهجه البنك المركزى فى اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير وإطلاق البنوك التجارية شهادات بعائد وصل إلى 25% سنوياً، مما يقلل من طموحات البورصة الصعودية ولكن وحتى الأسابيع الأولى من العام يبدو أن قوة دفع البورصة للصعود أقوى من الآثار السلبية للفائدة المرتفعة على مناخ الاستثمار ونتائج أعمال الشركات و أداء البورصة.
ورأى أنه الفائدة المرتفعة ليست فقط التحدي أمام البورصة، وإنما تظل مشكلة الضرائب على الأرباح الرأسمالية تؤرق محافظ سوق المال وتستمر المطالب بضرورة إعادة النظر فى هذه الضريبة مرة أخرى فى فترة تولى الدولة المصرية أولوية قصوى لتشجيع الاستثمار، فضلاً عن اعتزام الدولة استئناف برنامج الطروحات ما يستوجب معه ضرورة الإصغاء باهتمام لمطالب سوق المال وفى مقدمتها ضريبة الأرباح الرأسمالية خاصة وأن هناك العديد من البدائل الاستثمارية الأخرى لا تخضع للضرائب
وتابع إنه بالرغم من هذه التحديات إلا أن البورصة مرشحة للمزيد من الارتفاعات فى الفترة القادمة وخاصة مع تحسن الأوضاع الاقتصادية فى مصر مع انفراج أزمة النقد الأجنبي والإفراج عن الواردات التى كانت مكدسة في الموانئ وعودة سريان الدماء فى شرايين الحركة التجارية ويعزز تحسن المشهد الاقتصادى التزام البنك المركزى بالوعود التي قطعها بالمرونة فى التحكم فى سوق الصرف لمزيد من السيولة الدولارية وتقليص السوق الموازية لأقصى درجة ما يعطى الثقة للتدفقات الأجنبية وخاصة بعد إطلاق تعاملات المشتقات على الجنيه المصرى، وكذلك اتجاه الحكومة لتعزيز دور القطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى و هو ما عبرت عنه الحكومة من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة من شأنه أيضاً أن يدعم نظرة ايجابية تجاه سوق المال المصرى خاصة مع بدء تنفيذ ما جاء بالوثيقة بشكل عملى على أرض الواقع
وأشار إلى أن هذه السيولة المرتفعة فى السوق والأداء الإيجابي لأسعار الأسهم من شأنها أن تدفع الحكومة جدياً نحو استئناف برنامج الطروحات باعتباره جزءاً من سياسة الدولة للانسحاب تدريجياً من المشاركة الاقتصادية بنسب متفاوتة حسب القطاعات و تبرز التصريحات الحكومية فى سعى الدولة لطرح ما يزيد على العشرين شركة خلال العام الحالى مستهدفة حصيلة نحو 6 مليار دولار، وقد أعلن بالفعل جاهزية العديد من الشركات للطرح فى البورصة أو من خلال عرضها على مستثمرين استراتيجيين و من خلال الصندوق السيادى.
وأوضح حسام عيد مدير الاستثمار بشركة انترناشيونال لتداول الأوراق المالية أن البورصة المصرية تعتبر من أهم أدوات التمويل اللازمة للدولة والشركات المقيدة، فبعد أن شهدت البورصة المصرية أداءا إيجابيا خلال تعاملات الربع الأخير من العام الماضي واستكملت هذا الاداء الإيجابي والصعود لأغلب مؤشراتها بالعام الجديد ونجح المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية في الصعود وتحقيق مكاسب كبيرة ومستويات إغلاق قياسية جديدة مسجلاً مستوى 16000 نقطة بنسبة صعود مايقرب من 90% من العام الماضي وصعد أيضاً راس المال السوقي بنسبة مايقرب من 70% مسجلاً قيمة تخطت حاجز التريليون مدفوعاً بنشاط الاسهم القيادية واتجاه المؤسسات المالية نحو الشراء وفتح المراكز المالية بالقرب من مستويات الدعم الرئيسية للمؤشر الأمر الذي انعكس إيجاباً على أداء المؤشر الرئيسي.
ورأى أنه لكي تنجح البورصة في الاستمرار في الاداء الإيجابي والصعود في ظل تحديات اقتصادية عالمية صعبة فهناك بعض التحديات التي يجب التغلب عليها، وأشار إلى إنه يجب اتخاذ بعض الإجراءات التي من شأنها تساهم في تفعيل دور سوق المال المصري مثل تبسيط اجراءات القيد والتسجيل لتحفيز الشركات الغير مقيدة للبورصة المصرية الأمر الذي سوف يدفع بمزيد من طلبات القيد الجديدة بالبورصة المصرية، وكذلك يجب البدء في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية الجديدة بالبورصة خلال الفترة المقبلة لأهمية هذه الشركات الكبرى في جذب مزيداً من رؤوس الأموال المستثمرة الأجنبية وايضا المحلية ويعزز من أداء مؤشرات البورصة المصرية
ورأى أنه يجب إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية وشطب كلمة ضريبة الأرباح الرأسمالية من قاموس البورصة المصرية كأحد أهم المحفزات والإصلاحات الهيكلية التي تواجه المستثمرين الأفراد للاستثمار في البورصة المصرية وعدم وجود أي معوقات تعوق حركة رؤوس أموال الأفراد المصريين بالبورصة.