عالم

هيئة دولية: ما يجري في غزة ليس حرباً بل إبادة جماعية كاملة الأركان

في الذكرى الثانية لبدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أصدرت “الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني” تقريراً حقوقياً، اليوم الثلاثاء، يوثق أخطر أشكال التحريض الممنهج ضد الفلسطينيين، معتبرة أن هذا الخطاب الرسمي يشكل الركيزة المعنوية لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة في القطاع، ويمثل دليلاً على وجود نية متعمّدة لتدمير جماعة وطنية بأكملها.

التحريض الممنهج

يشير تقرير الهيئة إلى أن الخطاب الإسرائيلي تجاه غزة تجاوز حدود التعبير السياسي، وتحول إلى أداة تبرير لجرائم الإبادة والتطهير العرقي، ويستند التقرير إلى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948 التي تجرّم التحريض حتى في حال عدم تنفيذ الجريمة فعلياً.

ويوضح التقرير أن تصريحات قادة الاحتلا الإسرائيلي من مستويات سياسية وعسكرية ودينية  اتخذت طابعاً ممنهجاً يستهدف نزع إنسانية سكان غزة وتجريدهم من حقهم في الحياة، عبر أوصاف مثل “الحيوانات، والظلام، والشر المطلق”، وترى الهيئة أن هذا النمط من الخطاب يعكس نية تدميرية واضحة ترتبط مباشرة بالهجمات العسكرية الواسعة التي استهدفت المدنيين والبنية التحتية.

تصريحات رسمية توثّق نية الإبادة

أستعرض تقرير الهيئة الدولية مجموعة من التصريحات التحريضية المباشرة، أبرزها:

“بنيامين نتنياهو” رئيس الوزراء الاحتلال الذي شبّه الفلسطينيين بـ”العماليق”، واعتبر أن “النور سينتصر على الظلام”، في خطاب ديني يمنح شرعية رمزية للقضاء على جماعة بشرية كاملة.

“يوآف غالانت” وزير دفاع الاحتلال السابق، أعلن فرض “حصار كامل على غزة” ومنع الكهرباء والطعام والوقود، قائلاً: “نقاتل حيوانات بشرية”.

“بتسلئيل سموتريتش” وزير مالية الاحتلال، دعا إلى “ترك غزة ركاماً” والتخلّص من سكانها، واعتبر التجويع “عدلاً أخلاقياً”.

“إيتمار بن غفير” وزير الأمن القومي للاحتلال، وصف جميع سكان غزة بأنهم “متورطون”، ودعا إلى “القضاء على العدو بلا رحمة”.

“عميحاي إلياهو” وزير تراث الاحتلال، ألمح إلى إمكانية استخدام “القنبلة النووية ضد غزة”، في ما اعتبرته الهيئة تهديداً مباشراً باستخدام أسلحة دمار شامل.

كما رصد التقرير خطابات مماثلة صادرة عن نواب كنيست وشخصيات دينية بارزة دعت إلى “حرق غزة، وإبادة سكانها”، مؤكداً أن هذا الخطاب المنفلت من أي ضوابط قانونية أو أخلاقية يُشكّل تحريضاً ممنهجاً على الإبادة.

التجويع والتهجير

وثّق تقرير الهيئة أن الخطاب التحريضي لم يبقَ في إطار الكلام، بل تُرجم إلى سياسات ميدانية مبرمجة، تمثلت في الحصار الشامل والتجويع القسري والتهجير المنظّم.

وأشار التقرير إلى أن أوامر “غالانت” بقطع الكهرباء والغذاء عن غزة، وتبنّي وزراء آخرين لسياسات منع المساعدات، أسفرت عن كارثة إنسانية غير مسبوقة، بلغت وفق الأمم المتحدة المرحلة الخامسة من المجاعة.

ولفتَ التقرير إلى وثيقة مسرّبة من وزارة الاستخبارات الإسرائيلية في أكتوبر 2023، تضمنت خطة لترحيل الفلسطينيين قسراً نحو سيناء المصرية، في ما وصفته الهيئة بأنه “تخطيط متكامل لجريمة إحلال سكاني”.

تواطؤ دولي وصمت مريب

يلفت تقرير الهيئة إلى أن استمرار هذه الخطابات والجرائم تحت أنظار المجتمع الدولي يُعد شكلاً من أشكال التواطؤ غير المباشر، ويقوّض منظومة القانون الدولي التي تجرّم التحريض على الإبادة والتجويع كسلاح حرب.

وأكدت الهيئة أن الصمت الدولي أمام هذه الانتهاكات يعزز مناخ الإفلات من العقاب، داعيةً المحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق عاجل وشامل في جرائم التحريض والقتل الجماعي والتجويع، وتقديم المسؤولين عنها للمساءلة القانونية.

في ختام تقريرها، دعت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني إلى، ضرورة تحرك أممي فوري لوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وفرض عقوبات دولية على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في التحريض والقتل، وإرسال بعثة تحقيق دولية مستقلة لتوثيق الجرائم وفق القانون الدولي، ومنع تصدير الأسلحة التي تُستخدم في استهداف المدنيين الفلسطينيين، وحماية المدنيين والمرافق الإنسانية وضمان تدفق المساعدات دون قيود.

ويؤكد تقرير الهيئة أن ما يجري في غزة لم يعد مجرد صراع عسكري، بل جريمة إبادة جماعية موثقة الأركان، يقوم فيها الخطاب الرسمي بدور المحرّض والممهّد والمبرّر للقتل الجماعي والتدمير الشامل، وتشديد الهيئة على أن المساءلة الدولية باتت واجباً قانونياً وأخلاقياً لا يحتمل التأجيل.

اقرأ أيضا: وزارة الصحة في غزة تطلق نداءً عاجلاً لإنقاذ المنظومة الصحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *