تهتم وزارة التموين والتجارة الداخلية بتنويع مصادر ومناشئ الأقماح الموردة إليها، باعتبار أن مصر تعد من أكبر الدول المستوردة للأقماح على مستوى العالم، وفقا لتصريحات الوزير شريف فاروق، الذي كشف أن الوزارة تتطلع إلى زيادة حجم وارداتها من القمح الفرنسي.
يأتي ذلك في وقت من يُتوقعُ فيه أن تتقلص إنتاجية القمح في روسيا للسنة الثالثة على التوالي بسبب قلة الأمطار التي أسفرت عن تأخير عمليات الزراعة في أكبر دولة منتجة للقمح في العالم.
وتبلغ تكلفة القمح الروسي الذي تعتمد عليه مصر بشدة نحو 220 دولارا للطن بأسعار السوق الحالية، في حين يبلغ سعر الذرة نحو 200 دولار للطن، وفقا لبيانات مجموعة بورصات لندن.
ورفعت الحكومة سعر شراء القمح المحلي بنسبة 10 بالمئة لموسم 2024 – 2025، في خطوة تستهدف تشجيع المزارعين على التوسع في زراعته، لخفض فاتورة الاستيراد التي تشكل عبئا ثقيلا على خزينة الدولة، وتأمين مخزون البلاد في ظل تصاعد التوترات في المنطقة.
وكانت وزارة التموين اشترت من المزارعين خلال موسم التوريد الماضي، الذي بدأ في منتصف أبريل وانتهى في منتصف أغسطس، نحو 3.6 مليون طن، فيما كانت تستهدف 3.7 مليون طن.
وقالت الحكومة إنها وافقت على تحديد سعر استرشادي لزراعة القمح عند 2200 جنيه للأردب (150 كيلو) جودة 23.5، وهو أعلى سعر لشراء القمح من المزارعين في تاريخ البلاد، كما حددت 2150 جنيها للأردب جودة 23، و2100 جنيه للأردب جودة 22.
السعر المحدد من الحكومة لشراء القمح يفوق الأسعار العالمية، إذ يتراوح السعر العالمي للقمح 11800-11900 جنيه للطن، في حين سيصل سعر الطن المورد للحكومة 14666 جنيه، بزيادة بنحو 2966 جنيه للطن.
ومن المتوقع أن يشجع هذا السعر المزارعين على مضاعفة المساحة المزروعة لتتراوح بين 3.5-3.8 مليون فدان، وقد تزيد لمعدلات أكبر، بحسب نائب رئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية عبدالغفار السلاموني، الذي صرّح بأن السعر الذي حددته الحكومة بلغ “أعلى مستوى في التاريخ”.
وهذه هي المرة الثانية التي ترفع فيها الحكومة أسعار توريد القمح للموسم الزراعي الحالي؛ فقد اشترته من المزارعين بسعر 1500 جنيه للأردب خلال الموسم الماضي 2023/2024، ثم قررت في مارس الماضي زيادة سعر توريده إلى 2000 جنيه للموسم الجديد 2024/2025 قبل أن تقرر زيادة السعر للمرة الثانية إلى 2200 جنيه بنسبة 10%، في اجتماعها الأسبوعي، الأربعاء.
وتستهدف الحكومة “تأمين مخزون استراتيجي من الاحتياجات الأساسية للمواطنين، في ظل حالة عدم اليقين التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، نظرًا للتوترات الجيوسياسية وتصاعد حدة المخاطر”، وفق بيان رسمي لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
وصرح حسام الجارحي نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية، بأن الهدف من رفع السعر هو تشجيع الفلاحين على زيادة زراعة القمح العام المقبل، إذ تحتاج مصر، التي تعد أكبر مستورد للقمح في العالم، إلى أكثر من 8 ملايين طن سنويا لإنتاج الخبز المُدعم الذي يستفيد منه أكثر من 70 مليون مواطن.
يبلغ حجم الاحتياطي الاستراتيجي من القمح حاليا نحو 5 أو 6 أشهر، بحسب وزير التموين شريف فاروق.
وعادة ما تشتري الحكومة 3.5 مليون طن من المزارعين وتستورد الباقي، وقد رفعت الدولة وارداتها من القمح خلال الأشهر التسعة الأولى من العام بنحو 30 بالمئة لتصل إلى 10.8 مليون طن، مقارنةً بـ8.3 مليون طن في الفترة المماثلة من العام الماضي.
ويكشف توجه الحكومة نحو زيادة واردات القمح، عن رغبتها في التحوط ضد ارتفاع الأسعار، فقد صرّح وزير المالية المصري أحمد كجوك، في أغسطس الماضي، بأن انخفاض سعر القمح وسلع أُخرى بالأسواق العالمية، يمثل “فرصة لشراء ما نحتاجه من هذه السلع”.
وتراجع سعر القمح العالمي خلال العام الحالي بنحو 35 بالمئة إلى 235 دولارا للطن، مقابل 360 دولارا العام الماضي، بحسب مدير شركة “ميدستار للتجارة واستيراد الحبوب، هشام سليمان، الذي أكد في تصريحات صحفية أن “وفرة الدولار في السوق ولدى البنوك، وزيادة الاستهلاك الناتجة عن ارتفاع أعداد اللاجئين من ضمن الأسباب أيضاً”.
وتتصدر مصر قائمة أكثر الدول استهلاكا للقمح في موسم 2024/2023 بما يزيد على 20 مليون طن متري، وهو ما يمثل 2.6 بالمئة من الاستهلاك العالمي، وفق أحدث تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية.
وقال نقيب الفلاحين، حسين أبوصدام، في تصريحات صحفية، إن زيادة السعر الاسترشادي لشراء القمح من المزارعين “سيشجع على مضاعفة حجم المساحة المزروعة خلال الموسم الجديد، ويأتي استجابة لمطالب الفلاحين بزيادة السعر الاسترشادي سنويا بما يتماشى مع ارتفاع التكلفة”.
وأشار إلى أن زيادة سعر الأردب بقيمة 200 جنيه تعتبر “معقولة ومرضية” للمزارعين، ويفوق سعر السوق الحر والذي وصل إلى 1900 جنيه في الأسواق.
وتستهدف مصر زراعة 3.5 مليون فدان قمح خلال العام المالي الحالي 2024/2025 من 3.2 مليون قمح في العام المالي السابق، كما تستهدف إضافة 750 ألف فدان خلال العام المالي الحالي لتصل إجمالي المساحات الزراعية إلى 10.7 مليون فدان، وفقا لبيانات رسمية.