منذ أشهر يدور الحديث عن انفراجة “خلال أشهر” لأزمة نقص العديد من الأدوية في البلاد، لكنّ الجديد في الأمر أن الحكومة أقرّت رسميا بوجود أزمة.
في البداية كانت وزارة الصحة تُلقي باللوم على الأطباء الذين يكتبون الأدوية بأسمائها التجارية وليس العلمية، وتقول إن هناك بدائل ومثائل لكل دواء، تحتوي على المادة الفعالة ذاتها مع اختلاف الاسم التجاري، ومن ثمّ “ليس هناك أزمة”.
غير أن كثيرًا من المواطنين الذين تحدثت إليهم “البورصجية” قالوا إنهم “دايخين” حتى على البدائل لكثير من الأدوية المهمة، ومنها أدوية لأمراض مزمنة كالضغط والسكر، كما أكد عدد من الصيادلة ذلك.
اعتراف بالأزمة
لكن وزير الصحة، الدكتور خالد عبد الغفار، قال خلال مداخلة تلفزيونية قبل أيام، إن “أزمة الدواء ستنتهي خلال شهرين إلى 3 أشهر”، موضحًا أن “الأزمة بدأت تنتهي، فقد جرى فتح الاعتمادات من بنك المركزي، ولكن بسعر جديد للدواء”.
وأضاف “كنا أمام مشكلتين، إما أن يتم تحريك سعر الدواء بنسبة 20 بالمئة أو 30 بالمئة ولكنه سيكون موجودا، وإما أن يظل سعره كما هو لكنه لن يكون موجودا”.
كان رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، أعلن في مؤتمر صحفي، عزم الحكومة تحريك أسعار بعض المجموعات الدوائية، ضمن خطة لزيادة أسعار الكهرباء والمحروقات أيضًا “بفروق بسيطة”. وذكر أن مصر تعتبر من أرخص دول العالم في أسعار الأدوية.
وقال وزير الصحية إن”الأدوية سلعة أمن قومي، وبالتالي جرى فتح اعتمادات البنك المركزي، وبدأت الشركات في عودة خطوط الإنتاج لما كانت عليه، ولكن لكي تخزن لـ7 شهور، وتكون كل المنظومة لديها إمكانية الإنتاج فإن هذا الأمر سيستغرق شهرين إلى 3 أشهر ، وهذا أقل الخسائر الممكنة التي مرينا بها”.
واعتذر الوزير للمواطنين عن نقص بعض الأدوية في الأسواق خلال الفترة الأخيرة، مؤكدا أنه خلال الشهور القليلة القادمة لن يكون هناك نقص في الأدوية المستوردة أو المحلية، حيث بدأ استيراد المواد الخام لإعادة تشغيل الإنتاج وسيتم بالتعاون مع الفريق كامل الوزير للاهتمام بصناعة الدواء.
حل تدريجي
من جهته، أكد رئيس هيئة الدواء، علي الغمراوي، أن موعد انتهاء أزمة الدواء “قريب للغاية”، مضيفًا: “نعمل على حل الأزمة بالتدريج خلال الفترة الحالية، من خلال إعادة بناء المخزون الاستراتيجي من المواد الخام”.
وقال في تصريحات متلفزة، إن أزمة نقص الدواء ليست في مصر فقط لكنها موجودة في كل دول العالم.
وأشار إلى أن هناك زيادة جديدة في الأسعار ستتراوح بين 30 و40 بالمئة بعد احتساب تكلفة المنتج ومستلزمات الإنتاج المستوردة.
وأكد رئيس هيئة الدواء، أن مصر هي الدولة رقم واحد عربيًا وأفريقيًا في تصنيع الأدوية، إذ تصنع 91 علبة وتستورد 9 علب فقط من كل 100 علبة دواء، أي إن معدل التصنيع المحلي 91 بالمئة، ونسبة الاستيراد 9 بالمئة فقط”.
ومقابل هذه النسبة الضئيلة للاستيراد، تصدر مصر الدواء إلى أكثر من 85 دولة، “نتيجة السمعة الطبية للدواء المصري” على حد قول الغمراوي الذي كشف أن الدولة صدرت أدوية بنحو 660 مليون دولار في 2023″.
وقال رئيس هيئة الدواء، إن “هناك زيادة واضحة في التصدير خلال الفترة الحالية، ولكننا نركز على تغطية السوق المحلية أولا، لكونها الأولوية لدى الهيئة”.
وأرجع رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، علي عوف، سبب الأزمة إلى عجز الشركات المنتجة عن تحمل فارق تدبير العملة لاستيراد المواد الخام بعد ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه من متوسط 31 جنيهًا إلى أكثر من 48 جنيهًا بعد تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، فضلا عن ارتفاع تكلفة الإنتاج.
وقال عوف في تصريحات صحفية إن هناك نقصًا في حجم المعروض من الأدوية في السوق، بلغ أكثر من ألف مستحضر من المضادات الحيوية وأدوية الأمراض المزمنة، مثل الضغط والسكر.
ويتوقع عوف، انتهاء الأزمة خلال الأسابيع المقبلة، بعد توافر السيولة لدى بعض الشركات، التي بدأت في الإفراج عن المواد الخام في المواني لإنتاج النواقص.
انفراجة كبيرة
المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، الدكتور حسام عبدالغفار، قال إنه خلال شهرين من الآن سوف تشهد أزمة نقص الأدوية انفراجة كبيرة، وسوف يشعر المواطنين بتحسن كبير في هذه الأزمة.
وأضاف في تصريحات تلفزيونية “هذه الأزمة كانت نتيجة لفترة ماضية كان فيه صعوبة في الحصول على العملة أدى إلى قلة الواردات من المواد الخام”.
وشدد على أن “هذه الأزمة انتهت وكل المصانع تعمل وكل يوم يتم إضافة أدوية جديدة إلى المستشفيات والسوق وخلال فترة قريبة الناس سوف تلمس هذا”.
وطالب أعضاء لجنة الصحة في مجلس النواب بضرورة اتخاذ الإجراءات الفورية لحل الأزمة فورا، مشددين على ضرورة البدء فورا في توفير أدوية مرضي السرطان والفشل الكلوي وأدوية علاج الأطفال والمضادات الحيوية.
وأكد النواب ضرورة تثبيت أسعار الأدوية مراعاة للمواطنين من محدودي الدخل ولأصحاب المعاشات والتكافل وكرامة.
من جهته، أكد النائب سيد حنفي طه، أن اعتراف الحكومة بوجود أزمة في الدواء هو البداية لحل مثل هذه الأزمات. وأشاد بتأكيد وزير الصحة أن أزمة الدواء ستنتهي خلال شهرين إلى 3 أشهر.
وطالب الحكومة بالتركيز على إعادة تحديث خطوط إنتاج الدواء، مؤكدًا أن مصر تمتلك العديد من شركات العملاقة في صناعات الأدوية التي تعرضت للإهمال على مدى سنوات بعدما كانت رائدة في الصناعة وتصدير الدواء.
وكانت النائبة راوية مختار، صرحت بأنها تقدمت بعدة طلبات إحاطة للحكومة بشأن عدم توافر الأدوية في السوق، وارتفاع أسعارها، مما يتطلب ضرورة التدخل الفوري لحل الأزمة .
وشددت النائبة على ضرورة عمل الحكومة على توطين صناعة الدواء خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل المزايا التنافسية للاستثمار في مصر أبرزها سوق استهلاكي ضخم، وتوافر قاعدة صناعية إنتاجية.