
في ظل الانتشار الواسع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي واعتماد بعض الشباب عليها في مختلف شؤون الحياة، تتزايد التحذيرات الدينية من خطورة اللجوء إلى هذه التقنيات في الحصول على الفتاوى الشرعية.
فقد أكد عدد من علماء الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأحكام الدينية يمثل خطرًا حقيقيًا على الفهم الصحيح للدين، ويغيب دور العقل والعلم الشرعي المنضبط.
وتتفق آراء علماء الأزهر ودار الإفتاء على أن الذكاء الاصطناعي، رغم أهميته في مجالات عديدة، لا يمكن أن يكون بديلًا عن العلماء المتخصصين في الفتوى، لما تتطلبه من فهم عميق للنصوص الشرعية ومراعاة دقيقة للواقع والظروف الإنسانية، وهو ما لا تستطيع الآلة القيام به.
قال الشيخ أشرف عبد الجواد، أحد علماء الأزهر الشريف، إن اعتماد بعض الشباب على الذكاء الاصطناعي في الحصول على الفتاوى يعد من أخطر الظواهر التي انتشرت مؤخرًا.
وأوضح «عبد الجواد» أن الله تعالى أمر بسؤال أهل الذكر عند الجهل، مستشهدًا بقوله سبحانه: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، مشيرًا إلى أن القضايا الشرعية الحساسة، وعلى رأسها الطلاق، لا يجوز فيها أخذ الرأي من غير المتخصصين.
الذكاء الاصطناعي معلومات مخزنة لا اجتهاد فقهي
وأوضح الشيخ أشرف عبد الجواد أن الأحكام الشرعية تقوم على قواعد وضوابط إلهية واجتهاد علمي دقيق، بينما يعتمد الذكاء الاصطناعي على بيانات ومعلومات مخزنة مسبقًا، لا تراعي اختلاف الحالات الفقهية من شخص لآخر.
وأضاف أن كل واقعة شرعية لها ظروفها وملابساتها الخاصة التي لا يمكن للآلة تقديرها.
دعوة للرجوع إلى المؤسسات الدينية الرسمية
وحذر «عبد الجواد» من الانسياق وراء تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المسائل الفقهية، مؤكدًا أن هناك مصادر موثوقة يمكن للمسلم الرجوع إليها، مثل دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف، للحصول على الفتوى الصحيحة المبنية على العلم الشرعي الرصين.
استفتاء ChatGPT غير صحيح شرعًا
من جانبه، قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، إن استفتاء تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل “ChatGPT”، في الأمور الدينية والشرعية أمر غير صحيح، مؤكدًا أن الاعتماد على هذه الوسائل يؤدي إلى تغييب العقل البشري، ويقضي على ملكة التدبر والتفكير.
تحذير من عواقب خطيرة على الدين والمجتمع
وحذر الدكتور كريمة من أن الإفراط في استخدام التقنيات الحديثة في الشأن الديني قد يقود إلى نتائج خطيرة، معتبرًا أن الذكاء الاصطناعي أصبح “دجال العصر الحديث”، وقد يفتح الباب لأفكار إلحادية وسلوكيات ضارة.
وأشار إلى أن تحويل الإنسان إلى تابع للآلة يُفقده دوره ومسؤوليته، لافتًا إلى مخاوفه من أن يصل الأمر مستقبلًا إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخطابة أو الإمامة، وهو ما وصفه بالأمر الكارثي.
وفي نفس السياق، أكدت دار الإفتاء المصرية، ردًا على سؤال ورد إلى موقعها الرسمي، أنه لا يجوز شرعًا الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإفتاء.
وأوضحت دار الافتاء أن هذه التطبيقات، رغم التقدم التكنولوجي، لا تمتلك أدوات الإفتاء الكاملة من علوم ومعارف، ولا تراعي اختلاف الفتوى بتغير الزمان والمكان والظروف، وهو ما يُعد ركنًا أساسيًا في الفقه الإسلامي.





