بنوك وتامين

مصر تراهن على ثقة السوق المحلية ببرنامج لإصدار أدوات الدين

في خطوة تؤكد طموح الحكومة المصرية في إدارة الدين العام بطريقة استراتيجية، أعلنت وزارة المالية عن برنامج ضخم لإصدار أدوات دين محلية، يضم 105 عطاءات متنوعة بين أذون وسندات وصكوك بقيمة إجمالية تصل إلى 2.524 تريليون جنيه خلال الربع الأول من العام المالي 2025/2026

هذا البرنامج يعكس قدرة الدولة على تلبية احتياجاتها التمويلية، وتمويل العجز، وإعادة هيكلة جزء من الدين الحالي، وفي الوقت ذاته يرسل رسالة ثقة للسوق حول جدية الحكومة في إدارة مواردها المالية.

وهذه الطروحات ليست مجرد أرقام، بل هي جزء من رؤية شاملة لإدارة الدين بطريقة مستدامة، فالاستراتيجية تعتمد على تنويع آجال الدين بين أدوات قصيرة الأجل وطويلة الأجل، وهو ما يمنح الحكومة مرونة أكبر في جدولة الالتزامات، ويقلل من مخاطر إعادة التمويل المتكرر، مع الحفاظ على تكلفة دين منخفضة نسبيًا.

وتقول الدكتورة شيماء وجيه، الخبيرة المصرفية: “ما نراه اليوم هو نموذج متكامل لإدارة الدين، إصدار 105 عطاءات بهذا الحجم يتيح للسوق معرفة جدول التمويل بالكامل، ويمنح المستثمرين ثقة بأن الحكومة تتحرك وفق خطة واضحة، بعيدًا عن أي رد فعل للضغوط المؤقتة.”

وقال أسلم عصام، الخبير الاقتصادي إلى أن هذه الطروحات تمثل فرصة لتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري: “البرنامج يظهر قدرة الحكومة على توظيف الدين كأداة للنمو، وليس مجرد وسيلة لسد العجز، التنويع بين أذون قصيرة الأجل وسندات طويلة الأجل يساعد على استقرار السوق ويخلق بيئة جذابة للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.”

البرنامج يعكس أيضًا أهمية دور البنوك والمؤسسات المالية في دعم الاقتصاد المحلي، إذ تمنح الطروحات الكبيرة القطاع المصرفي فرصة لتعزيز محافظه الاستثمارية بأدوات آمنة وذات عائد مستقر، بينما تتيح للمستثمرين الأفراد والمؤسسات الأجنبية المشاركة بفعالية، مما يزيد عمق السوق ويعزز سيولة أدوات الدين.

هذه الطروحات تتماشى مع جهود الحكومة للإصلاح المالي والاقتصادي، بما في ذلك الالتزام ببرنامج دعم صندوق النقد الدولي، وإعادة توجيه عوائد الطروحات نحو مشروعات تنموية حقيقية، فاستثمار هذه الموارد في البنية التحتية والطاقة وتطوير المناطق الإنتاجية لا يسهم فقط في خدمة الدين الحالي، بل يخلق قيمة اقتصادية مستدامة تعزز نمو الاقتصاد على المدى المتوسط والطويل.

وتتابع د. شيماء وجيه: “ما يميز هذا البرنامج هو وضوح الهدف وطول الأجل في الرؤية، الحكومة لا تلجأ إلى الاقتراض لحل أزمة قصيرة، بل تبني آلية مستدامة لدعم التنمية وتحويل الدين من عبء محتمل إلى رافعة للنمو.”

ويضيف أسلم عصام: “نجاح هذه الطروحات يعتمد على استقرار السوق وقدرة الحكومة على الموازنة بين السياسات المالية والنقدية، وهو ما يبدو واضحًا من تنظيمها للطروحات بهذا الشكل، إن توفير جدول واضح للإصدارات وزيادة الشفافية يعزز قدرة المستثمرين على اتخاذ قرارات مستنيرة ويزيد من جاذبية السوق المصري.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *