
أعلن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء فوز مصر بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية للفترة 2026/2027، في خطوة تعكس تصاعد الثقل الملاحي المصري دوليًا، وتؤكد نجاح الدولة في ترسيخ موقع موانيها كمحور إقليمي مؤثر في حركة التجارة العالمية والنقل البحري.
ويأتي هذا الفوز تتويجًا لحضور مصري ممتد داخل المنظومة البحرية الدولية، ودليلًا على التطور الملحوظ في قدرات الدولة بمجال سلامة وكفاءة النقل البحري، في إطار خطة شاملة استهدفت تطوير المواني ورفع كفاءتها التشغيلية، بما يدعم تنافسية منظومة النقل البحري ويعزز دور مصر كمركز إقليمي وعالمي للنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت، خاصة في ظل الطفرة التنموية غير المسبوقة التي شهدها القطاع خلال السنوات الأخيرة، وهو ما انعكس في تنامي الثقة الدولية في الدور الملاحي المصري.
وأبرزت الإنفوجرافات الصادرة عن المركز الإعلامي التقدير الدولي لجهود الدولة، حيث تقدمت مصر أربعة مراكز دفعة واحدة في مؤشر الارتباط بخطوط الملاحة المنتظمة الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد»، لتصل إلى المركز التاسع عشر عالميًا خلال الربع الثالث من عام 2025، مقارنة بالمركز الثالث والعشرين خلال الفترة نفسها من عام 2024، كما سجلت مصر المركز الثالث والعشرين عالميًا في مؤشر كفاءة خدمات المواني البحرية لعام 2024 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
وفي هذا السياق، أشار البنك الدولي إلى تصدر ميناء بورسعيد المركز الأول إقليميًا والثالث عالميًا في مؤشر أداء مواني الحاويات لعام 2024، بينما أكدت منظمة اللويدز العالمية إدراج ميناءي بورسعيد والإسكندرية ضمن قائمة أهم مائة ميناء على مستوى العالم خلال عام 2025، بما يعكس التحسن الكبير في كفاءة التشغيل والخدمات اللوجستية.
وسجلت المواني المصرية إنجازًا نوعيًا بدخول ميناء السخنة موسوعة جينيس للأرقام القياسية، باعتباره أعمق حوض ميناء يُنشأ على اليابسة من صنع الإنسان بعمق يصل إلى 19 مترًا، ما يمنحه قدرة تنافسية عالية في استقبال السفن العملاقة وتعزيز حركة التجارة الدولية.
وعلى صعيد الأداء التشغيلي، أظهرت البيانات استمرار نمو حركة التداول بالمواني خلال عام 2024 رغم التحديات والأزمات الإقليمية، حيث ارتفعت الطاقة الاستيعابية للبضائع إلى 183 مليون طن مقابل 174 مليون طن في عام 2023، كما زاد إجمالي تداول البضائع بنسبة 16% ليصل إلى 210 ملايين طن، وارتفعت رحلات السفن إلى 16.2 ألف رحلة مقابل 14.4 ألف رحلة في العام السابق، إلى جانب نمو تداول الحاويات إلى 9 ملايين حاوية مكافئة.
كما نجحت الدولة في جذب أكبر ستة خطوط ملاحية عالمية وسبعة من كبار مشغلي المواني للعمل داخل المواني المصرية، فضلًا عن تشغيل خط الرورو المصري الإيطالي بين ميناء دمياط وميناء تريستا، بما يعزز الربط التجاري مع الأسواق الأوروبية ويدعم حركة الصادرات والواردات.
وبشأن خطة التطوير الشاملة، بلغت تكلفة تطوير المواني البحرية نحو 129 مليار جنيه خلال الفترة من 2014 إلى 2024، وشملت تنفيذ مشروعات كبرى، من بينها تطوير ميناء الإسكندرية الكبير بإنشاء محطة «تحيا مصر» متعددة الأغراض بطاقة استيعابية تصل إلى 15 مليون طن، إلى جانب إنشاء محاور ربط مروري ولوجستي، وأرصفة ومحطات متخصصة لتداول وتخزين الحبوب.
وامتدت أعمال التطوير إلى ميناء شرق بورسعيد، الذي شهد إنشاء أرصفة بطول 8.4 كيلومترات وجارٍ تنفيذ المرحلة الثالثة بطول 6.2 كيلومترات، فضلًا عن إنشاء محطة حاويات قناة السويس، وتنفيذ أول عملية تزويد للسفن بالوقود الأخضر في إفريقيا والشرق الأوسط.
كما شملت المشروعات مواني البحر الأحمر، حيث تم تطوير ميناء نويبع وميناء سفاجا، وإنشاء مخازن نموذجية وساحات للشاحنات الثقيلة وأرصفة جديدة، إضافة إلى مشروعات التطوير الواسعة في ميناء السخنة التي تضمنت حفر خمسة أحواض بعمق 19 مترًا، وإنشاء أرصفة وحواجز أمواج وشبكات طرق وسكك حديدية داخلية.
وشهد ميناء دمياط بدوره إنشاء محطة متعددة الأغراض، وتطوير الحواجز الشرقية، وجارٍ تنفيذ الحاجز الغربي، بما يعزز قدرة الميناء على استيعاب حركة التجارة المتزايدة.
ويعكس هذا المسار المتكامل أن فوز مصر بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية ليس إنجازًا دبلوماسيًا فحسب، بل ثمرة استراتيجية طويلة الأمد لإعادة صياغة دور المواني المصرية على خريطة التجارة العالمية، وترسيخ موقع مصر كمركز محوري للنقل البحري والخدمات اللوجستية.
Rabab





