سوق المال

لا مراجعات بدونها| الطروحات «مفتاح» صندوق النقد.. خبراء سوق المال يحددون أسباب تأخر تنفيذ البرنامج وموقف «البورصة»

تعمل الحكومة المصرية برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي على المضي قدمًا في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وتفعيل دور البورصة المصرية في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن الحكومة ستعقد اجتماعات دورية أسبوعية لمتابعة تطورات ملف الطروحات مع الوزراء والجهات المعنية، مؤكداً أن الحكومة ستعمل بأعلى درجات الاحترافية لتسريع تنفيذ البرنامج وتحقيق أقصى استفادة من الأصول العامة.

وفي المقابل، أكد صندوق النقد الدولي أن التوقيت الدقيق لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري لا يزال محل نقاش مع الحكومة، موضحاً أن المضي قدمًا فيهما مرهون بالتقدم في تطبيق الإصلاحات الهيكلية، خصوصًا تلك المتعلقة بسياسة ملكية الدولة وبرنامج التخارج من الأصول العامة.

وأوضح الصندوق أن تأجيل المراجعتين اللتين كان من المقرر إجراؤهما في يوليو وأكتوبر جاء لإتاحة الفرصة أمام مصر لاستكمال الإصلاحات المتفق عليها مسبقًا، مشيرًا إلى أنه في حال اعتمادهما معًا خلال الشهر المقبل ستتمكن مصر من الحصول على شريحتين جديدتين بقيمة إجمالية تبلغ 2.4 مليار دولار، ضمن برنامج التمويل البالغ 8 مليارات دولار، حصلت القاهرة منه حتى الآن على نحو 3.2 مليار دولار.

ويرى خبراء سوق المال في تصريحاتهم لـ”البورصجية” أن الحكومة المصرية تتحرك وفق رؤيتها الخاصة وليس استجابة لضغوط صندوق النقد الدولي، مؤكدين أن الدولة تسعى لتسريع برنامج الطروحات كخيار استراتيجي لتعزيز مشاركة القطاع الخاص وتوفير مصادر تمويل مستدامة بعيدًا عن بعض اشتراطات الصندوق.

إشادة الصندوق بالاقتصاد المصري

وقال مينا رفيق، المحلل الأول في شركة برايم للاستثمار المالي، إن إشادة صندوق النقد الدولي بالتزام مصر بتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي تعكس ثقة المؤسسات الدولية في الأداء الاقتصادي المصري، خاصة مع تحسن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية خلال الفترة الماضية.

وأضاف رفيق، أن أبرز نتائج الإصلاحات تمثلت في تراجع معدلات التضخم إلى نحو 12% في سبتمبر الماضي نتيجة استقرار سعر الصرف وتحقيق معدلات نمو قوية رغم التحديات العالمية الناتجة عن حرب التعريفات الجمركية والتوترات الجيوسياسية.

وأوضح أن تأجيل صرف الشريحة الخامسة من القرض في يوليو الماضي وضمها إلى السادسة جاء في ضوء رؤية الصندوق بضرورة تعزيز دور القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، وتعظيم استغلال أصول الدولة ضمن وثيقة ملكية الدولة التي تهدف إلى التخارج من بعض القطاعات سواء من خلال الطروحات الحكومية أو البيع لمستثمرين استراتيجيين.

وأشار إلى أن الحكومة كانت قد أعدت خطة لطرح 10 شركات خلال العام الجاري، من بينها 4 شركات تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، إلا أن الاضطرابات العالمية أثارت المخاوف بشأن جدوى تنفيذ الطروحات في هذا التوقيت، ما أدى إلى تأجيلها مرة أخرى، مؤكدًا أن المفاوضات الجارية حاليًا تركز على تسريع وتيرة التنفيذ لاستئناف المراجعتين وصرف الشريحتين الأخيرتين من القرض.

البرنامج يرتبط بأداء مؤشرات البورصة

وقالت حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، إن برنامج الطروحات الحكومية يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأداء مؤشرات البورصة وسيولة السوق، مشيرة إلى أن صندوق النقد الدولي أرجأ المراجعتين الخامسة والسادسة لارتباطهما المباشر بملف الطروحات، إذ يرى أن الحكومة تباطأت في تنفيذ البرنامج.

وأضافت أن الحكومة لديها أسباب منطقية لتريثها، موضحة أن الأسواق شهدت مؤخرًا العديد من صفقات الاستحواذ بأسعار أقل من القيم السوقية نتيجة الاعتماد على متوسط أسعار آخر ثلاثة أشهر لتحديد القيمة العادلة، وهو ما دفع الحكومة لاختيار توقيتات أكثر ملاءمة للطرح.

وأكدت أن كل إعلان عن طروحات جديدة يؤدي مؤقتًا إلى تراجع مؤشرات السوق بسبب تحول السيولة نحو الطروحات المنتظرة، لكنها شددت على أن الطروحات تظل أداة أساسية لتعميق السوق وزيادة اتساعه، شريطة أن يصاحبها ترويج داخلي وخارجي فعال، وهو ما يتأثر بالظروف الجيوسياسية الراهنة.

وأوضحت رمسيس أن الاستحواذات الخليجية تمثل حاليًا الجزء الأكبر من التدفقات الاستثمارية إلى السوق المصرية، مؤكدة أهمية تحقيق توازن بين جذب المستثمرين الأجانب وحماية مصالح المستثمر المحلي.

وقالت إن الحكومة تتحرك وفق رؤيتها الخاصة وليس تحت ضغوط صندوق النقد، مشيرة إلى أن الدولة تبحث عن بدائل تمويل متنوعة بعيدًا عن بعض اشتراطات الصندوق مثل رفع الدعم أو زيادة أسعار المحروقات، مؤكدة أن برنامج الطروحات يمثل أداة استراتيجية لتعزيز دور القطاع الخاص وتحقيق أهداف وثيقة ملكية الدولة.

البورصة جاهزة لاستقبال الطروحات

أما حسام عيد، الخبير الاقتصادي وعضو مجلس إدارة شركة كابيتال فاينانشال القابضة ، فأكد أن عدم استئناف المراجعة الدورية بين الحكومة وصندوق النقد الدولي جاء نتيجة اشتراط الصندوق إحراز تقدم ملموس في برنامج التخارج الجزئي من ملكية بعض شركات قطاع الأعمال، بما يسمح بتوسيع مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني.

وأضاف أن الطروحات الجديدة تمثل قبلة الحياة للاقتصاد المصري، كونها من أفضل الأدوات التي تعتمد عليها الدول لجذب رؤوس الأموال المحلية والدولية، من خلال طرح شركات رائدة في مجالاتها داخل سوق المال.

وأشار إلى أن برنامج الطروحات الحكومية يمثل خطوة تاريخية في مسار الإصلاح الاقتصادي المصري، إذ يسهم في توفير التمويل اللازم لتوسيع أنشطة الشركات وتحقيق التنمية المستدامة، ما ينعكس إيجابيًا على مؤشرات النمو والاستثمار.

وأوضح أن البورصة المصرية، بعد الأداء الإيجابي لمؤشراتها خلال الفترة الأخيرة، أصبحت جاهزة لاستقبال الطروحات الجديدة

وأشار إلى أن السوق شهدت ارتفاعات قوية منذ بداية العام، وهو ما يدعم قدرة الشركات على جذب استثمارات جديدة وتحقيق أهداف الحكومة من البرنامج.

وشدد عيد على أهمية إعلان جدول زمني واضح لتنفيذ الطروحات، مؤكدًا أن نجاح البرنامج سيعزز مكانة الاقتصاد المصري ويزيد من ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في السوق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *