أخر الأخبار الجانبيةتجارة وصناعة

شبكة الطرق القومية الجديدة.. هل تنجح في تقليل الحوادث وتحسين الربط الإقليمي؟

انطلقت في مصر الثورة الكبرى بالبنية التحتية للطرق، في العقد الأخير، ضمن “المشروع القومي للطرق” الذي أطلقه الرئيس السيسي في أغسطس 2014، اليوم، وبعد مرور عشر سنوات، لا يختلف اثنان على أن مشروعات الطرق أصبحت أكثر من مجرد ربط بين مدن، بل منصّة اقتصادية واجتماعية تنعش التنمية وتخفض من الانفجار السكاني المروري، فلقد تخطّت مصر هويّة الطرق كشبكات لتصبح أدوات تنمية استراتيجية لربط الصعيد بالدلتا وسيناء بالبحر الأحمر.
المشروع – الذي تكلف حوالي 530 مليار جنيه – شمل تنفيذ أكثر من 6,300 كلم طرق جديدة، وتحديث 8,400 كلم من الطرق القائمة، إلى جانب بناء 935 كوبريًا ونفقًا، علامات التقدّم ظهرت على الأرض، لكنها لا تزال تواجه تحديات تتعلق بالأمان والتنفيذ.
أكد الفريق كامل الوزير، وزير النقل، أن تنفيذ 13 محورًا على مستوى الجمهورية وصل مع البنية الأساسية إلى شبكة طرق طولها 30,500 كم – بارتفاع نسبته 30% عن عام 2014 الذي كانت الشبكة فيه 23,500 كم، كما انطلقت مرحلة ثالثة تشتمل على تطوير طريق القاهرة–أسيوط بطول 400 كلم، وطريق الصعيد–البحر الأحمر بطول 180 كلم، ومحور السادس من أكتوبر–الواحات بطول 325 كلم، وكلها تم تكليفها بـ 11 مليار جنيه.
أما في سيناء والساحل الشمالي، فقد تم الانتهاء من 100 كم من الطريق الرابط بين سيوة ومطروح، بطريق ثلاثي الحارات ومزود بإضاءة بالطاقة الشمسية على التقاطعات الحيوية، ضمن مسار إجمالي يُشقّ الصحراء بطول 300 كم.
كذلك تم تدشين خمس محاور جديدة بطول يتراوح بين 60 و140 كلم – مثل مينيا–قوصية والاقصر–سوهاج الغربية – يُضاف إلى سيارات النقل السريع مثل طريق القاهرة–السويس بطول 63 كلم لكل مسار، مع طرق خدمية مجاورة بطول إضافي 35 كم.

السلامة على الطريق: صور متناقضة
من حيث الأرقام، فإن الموت على الطرق تقلّص بشكل ملحوظ: 8211 حالة وفاة في 2016 تراجعت إلى 5861 وفاة في 2023 (انخفاض بنسبة 28.6%)، بينما انخفضت الإصابات من 86,500 إلى 71,000 (هبوط بنسبة 17.9%)، لكن هذه التحسّنات لا تزال تهدر أمام ضعف الرقابة، بحسب دراسات حكومية تؤكد أن 76% من الحوادث سببها البشري مثل السرعة وقلة التركيز.
ولتحقيق السلامة الكاملة، صرّح الفريق كامل الوزير أن الوزارة تنشئ منظومة “طرق ذكية” تشمل كاميرات ITS، ورادارات سرعة، وحارات خاصة بالشاحنات، إضافة إلى تكثيف الإنارة على الكباري والمخارج الحرجة.

فاعلية الطرق في الربط الإقليمي
إضافة إلى مشاريع الطرق، تم توسيع شبكة الكباري على النيل من 38 إلى 56 محوراً حتى منتصف 2024، بمجموع 945 كوبريًا ونفقًا بتكلفة 132 مليار جنيه، وتم تصميم كل طريق جديد ومسار سريع ليغني عن المرور داخل المدن، ويقلل من الضغط على القاهرة الكبرى.
والمشروع يمتد حتى الحدود الإقليمية، مثل طريق “القاهرة–كيب تاون” بطول 1,155 كم داخل مصر من إجمالي 10,228 كم، بجزء مرتبط بدول القارة الأفريقية – ما يدعم الربط التجاري البيني، كما يُخطط لإنشاء طريق عبور بري من مصر إلى ليبيا، ثم تشاد عبر الساحل لحين تكامل محاور الشرق الأفريقي.
على أرض الواقع، يرى أحمد، موظف في سوهاج، أن الطرق الجديدة وفرت له ساعة سفر بين سوهاج وأسيوط، وكانت سببًا في ارتفاع تنافسية مركزه الزراعي لبيع المنتجات طازجة، بينما شكا آخر من غياب إنارة وسرعة سيارات النقل الثقيل العالية، خصوصًا في المناطق التي تؤدي لكباري الصعيد، رغم وجود علامة تحذير فقط دون مطبات أو دوريات.
حصدت مصر ثمرة جهود “الطرق القومية” في منتدى الطريق العالمي، ارتقاء تصنيف جودة البنية التحتية إلى المركز 18 عالميًا، وانخفاض كبير في الحوادث والمشكلات اللوجستية، ومع ذلك، فإن الطريق نحو “شبكة آمنة مثالية” ما زال طويلًا، وحافلًا بالتحديات التنظيمية والتشغيلية والقانونية.
إذا أُحكمت رقابة السرعة، وكثّفت الإنارة، ووُفّر صيانة مستمرة، فيمكن أن تتحوّل هذه الكتل الخرسانية والإسفلتية إلى شرايين تنمية حقيقية، تعيد رسم خريطة التنمية للأقاليم، وتعزز من مكانة مصر كمركزًا حقيقيًا للربط الإقليمي والتجارة حتى 2030.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *