تعد الانتخابات الرئاسية هي الأكثر أهمية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وتتجه الأنظار نحو تأثير السياسة الخارجية على الانتخابات، وبخاصة الوضع في الشرق الأوسط.
واهتمت صحف عالمية ومنظمات بحثية أمريكية بنتيجة الانتخابات المرتقبة، موضحين أن السياسات الخارجية قد تقلب موازين انتخابات 2024 على الرغم من أنه تاريخيًا كانت القضايا المحلية ذات دورًا كبيرًا في الانتخابات الأمريكية.
سياسة أمريكا
وفي ظل الحرب في أوكرانيا واشتعال فتيل الأزمة في الشرق الأوسط والتي أنفقت الولايات المتحدة عليها مبالغ ضخمة وتورطت فيها بشكل كبير، فمن الواضح أن السياسة الخارجية ستلعب دورًا هامًا في تصويت الأمريكيين الساعات القادمة.
ورأى المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الأمريكي، أن الانتخابات الأمريكية عادة ما تُحسم على أساس القضايا الداخلية، وخاصة الاقتصاد، وتكون السياسة الخارجية أمرًا عابرًا، إلا أن الوضع مختلفًا هذا العام.
آراء الناخبين
ومن جانبه، قال جريجوري أفتانديليان، أستاذ السياسة الخارجية في الجامعة الأمريكية بواشنطن والباحث في السياسة في الشرق الأوسط إنه قضايا السياسة الخارجية يمكن أن تقلب موازين انتخابات 2024 بين المرشح الجمهوري، دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، حيث يمكن أن تكون آراء الناخبين حول كيفية تعامل المرشحين مع حروب إسرائيل وحماس وحزب الله وروسيا وأوكرانيا “حاسمة” في الولايات المتأرجحة وبالتالي الانتخابات.
وأشار المركز إلى أن السياسة الخارجية لم تكتسب أهميتها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية إلا على مدى العقود الثلاثة الماضية، وحتى ذلك الحين، وجدت استطلاعات الرأي التي أجريت على الأمريكيين قبل الانتخابات أن 30 إلى 60 % منهم أدرجوا قضايا السياسة الخارجية باعتبارها القضية الأكثر أهمية التي تواجه البلاد.
تأييد إسرائيل
وبالنسبة للانتخابات الحالية التي تُقام وسط حروب متزايدة في الشرق الأوسط، فيحاول كلًا من ترامب وهاريس إظهار أنهما يتعاملان بكفاءة مع الصراع دون تقديم أي وعود من شأنها أن تؤدي إلى الانقسام.
كان قد احتضن الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن إسرائيل بشكل وثيق في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر العام الماضي، ولكن رأى العديد من الناخبين الأصغر سنًا أنه لم يفعل ما يكفي لوقف قصف إسرائيل لغزة الذي تسبب في مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
وعلى الرغم من أن بايدن انتقد لاحقًا تصرفات إسرائيل في غزة ومنذ مايو الماضي، حاول التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، إلا أنه كان مترددًا في فرض أي عقوبات حقيقية على إسرائيل أو إيقاف أي عمليات نقل أسلحة بشكل كبير.
نقيض جمهوري
وعلى النقيض من ذلك، كان الجمهوريون متفقين مع سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو و أدانوا بايدن والديمقراطيين بسبب عدم انتقاد سلوك إسرائيل في غزة.
وبعد انسحاب بايدن من السباق وحصول نائبة الرئيس، كامالا هاريس على ترشيح الحزب الديمقراطي في أغسطس، اتبعت بشكل أساسي نهج بايدن في السياسة الخارجية، لكنها عدلت فقط من نبرتها بشأن قضية غزة، على الأرجح لأنها كانت تدرك أن دعم بايدن الثابت لإسرائيل كان يكلفها بعض الناخبين الديمقراطيين، بما في ذلك العرب الذين يشكلون حوالي 5٪ من الناخبين في ولاية ميشيجان المتأرجحة.
فيما يتبنى ترامب نهجًا مزدوجًا، فهو يستخدم مسعد بولس، رجل الأعمال اللبناني الأمريكي وآخرين للتواصل مع الأمريكيين من أصل عربي في ميشيجان وأريزونا وولايات رئيسية أخرى.
وفي الوقت نفسه، يحاول ترامب استمالة الناخبين اليهود الأمريكيين من خلال وصف هاريس بأنها “معادية لإسرائيل” و”تكره إسرائيل”.
تباين حاد
كما لم يتغير موقف هاريس بشأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا عن موقف بايدن، وسعت إلى رسم تباين حاد مع آراء ترامب، كما أشادت بتعزيز إدارة بايدن لتحالف الناتو الذي ساعد في دعم أوكرانيا ضد روسيا، وعلى النقيض من ذلك، زعم ترامب أنه لو كان رئيسًا في عام 2022 لما غزا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين أوكرانيا.
سياسة الهوية
ويقوم كلًا من هاريس وترامب بتوضيح مواقف السياسة الخارجية لاستجلاب الدعم من الدوائر العرقية المهمة.
وبالإضافة إلى مغازلة الأمريكيين من أصل عربي، حاولت هاريس مغازلة الأمريكيين من أصل أوكراني والأمريكيين من أصل بولندي في ولايات رئيسية، وخلال المناظرة الرئاسية في 10 سبتمبر، ذكرت هاريس أنه إذا لم يتم إيقاف بوتين في أوكرانيا، فسوف يحول عدوانه إلى بولندا، وهو يعد مصدر قلق بالغ لحوالي 700 ألف أمريكي بولندي في بنسلفانيا.
من جانبه، رفض ترامب الإجابة على سؤال حول ما إذا كان يريد فوز أوكرانيا في الحرب.