أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول قطاع غزة موجة غضب عارمة في الأوساط الفلسطينية، إذ عدّتها فصائل المقاومة الفلسطينية تهديدًا مباشرًا لحقوق الشعب الفلسطيني ومحاولة لإعادة إنتاج نكبة جديدة عبر مخططات التهجير القسري.
وجاءت تصريحات ترامب جاءت في سياق دعم الإبادة الجماعية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث يتعرض الفلسطينيون لحصار خانق بعد قصف مدمر استمر 15 شهرًا وأدى إلى تدمير واسع في البنية التحتية واستشهاد وإصابة أكثر من 158 ألف فلسطيني وتشريد مليونين.
ورغم ذلك، أكد الفلسطينيون في مواقفهم أن غزة ستبقى عصية على الكسر، وستواصل مقاومتها حتى تحرير فلسطين.
أبو مازن: لن نسمح بالمساس بحقوقنا
وخرجت السلطة الفلسطينية والفصائل تعبر عن موقفها في بيانات رسمية؛ إذ أعرب الرئيس محمود عباس أبو مازن والقيادة الفلسطينية، عن رفضهما الشديد لدعوات الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، قائلا: “لن نسمح بالمساس بحقوق شعبنا التي ناضلنا من أجلها عقودًا طويلة وقدمنا التضحيات الجسام لإنجازها، وهذه الدعوات تمثل انتهاكا خطيرًا للقانون الدولي، ولن يتحقق السلام والاستقرار في المنطقة، دون إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود الرابع من يونيو لعام 1967، على أساس حل الدولتين”.
وأضاف أبو مازن، أن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن أرضه وحقوقه ومقدساته، وأن قطاع غزة هو جزء أصيل من أرض دولة فلسطين إلى جانب الضفة الغربية، والقدس الشرقية المحتلة، منذ عام 1967.
وأكد أن الحقوق الفلسطينية المشروعة غير قابلة للتفاوض، ومنظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني المؤتمنة على ثوابته، وهي صاحبة القرار الفلسطيني المستقل، ولا يحق لأحد اتخاذ قرارات بشأن مستقبل الشعب الفلسطيني نيابة عنها.
تصريحات خطيرة
وأدان المجلس الوطني الفلسطيني التصريحات الخطيرة التي أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والتي دعا فيها إلى تهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة، في محاولة لتشريع التهجير القسري بحق أبناء شعبنا الفلسطيني.
وأكد المجلس الوطني، في بيان، اليوم الأربعاء، أن هذه التصريحات تتنافى مع القانون الدولي وحقوق الإنسان، ومع المثل والمبادئ التي تنادي بها الولايات المتحدة الأميركية.
وشدّد على أن أي محاولات لإعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة، وفلسطين، هي أفكار مرفوضة، وخارجة عن السياق والتاريخ، لأن غزة وفلسطين ستبقيان لأهلهما وشعبهما، ولن يكون هناك أي حل خارج إطار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
حماس: تصريحات عدائية
وأدانت حركة حماس بأشد العبارات التصريحات التي أدلى بها ترامب خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، والتي تحدث فيها عن نية الولايات المتحدة “السيطرة على قطاع غزة” و”تسوية الموقع بالأرض”، بالإضافة إلى طرحه مجددًا لفكرة نقل الفلسطينيين إلى مواقع أخرى توفرها دول في الشرق الأوسط.
وأكدت الحركة في بيان اليوم الأربعاء أن هذه التصريحات تعد “عدائية للشعب الفلسطيني ولن تخدم الاستقرار في المنطقة، بل ستؤجج الأوضاع بشكل أكبر”.
وأوضحت حماس أن الشعب الفلسطيني، الذي قدم تضحيات جسامًا عبر التاريخ، لن يسمح لأي قوة في العالم باحتلال أرضه أو فرض وصاية عليه، مؤكدة أن غزة ستظل جزءًا لا يتجزأ من الوطن الفلسطيني.
الجهاد: عنصرية زائفة
بدورها، استنكرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين هذه التصريحات، مشيرة إلى أن أكثر من 15 شهرًا من القصف الإسرائيلي المدعوم بالسلاح الأمريكي لم ينجح في تهجير الفلسطينيين، فكيف يمكن أن تفلح تصريحات “عنصرية مغلفة بإنسانية زائفة” في تحقيق ذلك؟”.
وأكدت الحركة في تصريح صحفي أن الشعب الفلسطيني يملك دومًا خيار المقاومة، وسيواصل نضاله كما فعل على مدار أكثر من قرن.
الجبهة الشعبية: إعلان حرب
أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فوصفت تصريحات ترامب بأنها “إعلان حرب” على الشعب الفلسطيني، ومحاولة لفرض تهجير قسري جديد لن يمر إلا عبر المقاومة والصمود.
وأكدت الجبهة أن غزة ليست مشكلة تبحث عن “حلول”، بل هي رمز للصمود والنضال، ولن يكون مصير أهلها التهجير أو الاقتلاع، بل الثبات حتى تحرير الأرض واستعادة الحقوق الوطنية المشروعة.
كما دعت الفصائل الفلسطينية جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لمتابعة هذه التصريحات الخطيرة واتخاذ موقف حازم لحماية الحقوق الوطنية الفلسطينية.
وأكدت أن المطلوب الآن ليس فقط الإدانات، بل ترجمة الموقف العربي والدولي إلى إجراءات ملموسة للضغط على الإدارة الأمريكية.