تأتي قضية تغير المناخ علي رأس التحديات التي تواجه العالم حاليًا بعدما ثبت بالدليل العلمي أن النشاط الإنساني منذ الثورة الصناعية وحتى الآن تسبب ولا يزال في أضرار جسيمة تعاني منها كل الدول والمجتمعات وكافة نشاطات القطاعات الاقتصادية، مما يستلزم تحركا جماعيا عاجلا نحو خفض الإنبعاثات المسببة لتغير المناخ مع العمل بالتوازاي علي التكيف مع الآثار السلبية له، لذلك وضعت مصر قضية تغير المناخ في مقدمة جهودها نظرا لموقعها في قلب أكثر مناطق العالم تأثرًا بتغير المناخ، فبالرغم من أن القارة الإفريقية هي تاريخيا الأقل إسهاما في إجمالي الانبعاثات الكربونية العالمية إلا أنها أكثر المناطق تضررا وتأثرا من تغير المناخ.
وحث مؤتمر قمة التغيرات المناخية بشرم الشيخ جميع الدول المشاركة على وضع خطط وطنية للتكيف مع المناخ، ويعد جذب المزيد من الاستثمارات في مجال الاستدامة البيئية وإشراك القطاع الخاص ضمن المطالب التي تساعد في مجابهة التغيرات المناخية.
وفي حوار مع “البورصجية “، قالت ياسمين فؤاد وزيرة البيئة والمنسق الوزاري ومبعوث مؤتمر المناخ COP27 إن قمة المناخ ناقشت العديد من الموضوعات الهامة المتعلقة بقضية التغيرات المناخية من ضمنها مشكلات إدارة المياه وندرتها وتأثير تغير المناخ عليها ومدى تأثيرها على البشر حول العالم، وناقشت آليات تمويل المناخ ودور القطاعين البنكي والخاص.
وأوضحت أنه تم إطلاق الإستراتجية الوطنية لتغير المناخ ٢٠٥٠ وخطة المساهمات الوطنية المحدثة ٢٠٣٠ وبحث سبل إشراك القطاع الخاص، وكيفية تحويل الإستراتيجية إلى خطة استثمارية وخارطة طريق نحو ذلك وكيف يدعم شركاء التنمية.
ولفتت إلى الإعلان عن أول سوق طوعي للكربون في مصر بمشاركة القطاع الخاص، حيث سيتيح الفرصة لمزيد من الالتزام للقطاع الخاص نحو التصدي لتغير المناخ كجزء من خطة المساهمات الوطنية المحدثة، مما سيساعد على تنفيذها بالتشارك بين الحكومة والقطاع الخاص لتسريع الوصول إلى ممارسات منخفضة الكربون.
وأشارت إلى عقد العديد من الشراكات مع الدول للتعاون لمجابهة التغيرات المناخية من لتبادل الخبرات في مجالات التقييم البيئي للمشروعات ودراسة التأثيرات السلبية على المشاريع الصناعية، وخطط وإدارة الأزمات والكوارث والإدارة السليمة للمواد والنفايات الخطرة والمخلفات الصلبة والعضوية وإنتاج الوقود الحيوي .
تابعت: “فضلاً عن طرق تعزيز الإنتاج والاستهلاك المستدامين، والإدارة المتكاملة للمحميات الطبيعية والتنوع البيولوجي، والإدارة المتكاملة لنوعية الهواء ورصد ملوثاته، والإدارة المتكاملة لنوعية المياه وغيرها “.
ولفتت فؤاد إلى أن مصر حرصت خلال رئاستها لقمة المناخ COP27 كمؤتمر للتنفيذ وتصميمها للأيام الموضوعية ومبادرات المؤتمر أن تضع موضوعات الطاقة والغذاء والمياه كاحتياجات إنسانية أساسية في قلب العمل المناخي.
وأشارت إلى أنه كان من الضرورى مناقشة آليات تشجيع الدول على وضع خططها الوطنية للتكيف، وكيفية تهيئة المناخ الداعم لتنفيذها بتشجيع الاستثمارات الجديدة وجذب القطاع الخاص.
ولفتت إلى البرنامج الوطني لمشروعات الطاقة والغذاء والمياه “نوفي” كنموذج للتنفيذ، بالاستفادة من الطاقة المتجددة في الزراعة وتحلية المياه، وتحويل مشروعات التكيف إلى مشروعات جاذبة للتمويل البنكي، وتشجيع القطاع الخاص على تمويل التكيف، والعمل على إيجاد آليات تمويلية جديدة لتشجيع تمويل التكيف، وضمان وصول الدول وخاصة النامية إلى هذا التمويل.
وقالت إنه لابد من اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على مواردنا الطبيعية في ظل التحديات التنموية التي نواجهها كأساس للتنمية المستدامة.
وذكرت أن جائحة كورونا كانت بمثابة معجزة للبيئيين لتوجيه الأنظار نحو أهمية العودة للطبيعة، وصنعت مصر قصة نجاحها خلال الجائحة في ظل فقد العديد من العاملين بالسياحة لوظائفهم، حيث استطاعت وزارة البيئة توفير فرص عمل جديدة لهم من خلال إظهار القيمة المضافة من تضمين الممارسات المستدامة في قطاع السياحة.
وأشارت إلى إعلان أول برنامج للسياحة الخضراء والذي يتضمن حصول الفنادق على النجمة الخضراء ومراكز الغوص على الزعنفة الخضراء ومراعاة المعايير الدولية، وقد كان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي داعم حقيقي فى هذا الشأن.
وأوضحت أنه تم إعلان أول حملة وطنية للتوعية بالسياحة البيئية والحفاظ على التنوع البيولوجي تسمى “ECO EGYPT” كرسالة للعالم تروج لنحو ١٣ محمية طبيعية في مصر مع حشد كافة الفئات والأنشطة لربطهم بقصص حول تلك المحميات.
ولفتت أن الوزارة تسمح للقطاع الخاص بالمشاركة في ادارة المحميات الطبيعية فى إطار الالتزام بالاشتراطات البيئية، وقد تم توقيع عقدي امتياز للقطاع الخاص لمدة ١٠ سنوات في محميتي رأس محمد ونبق.
وأوضحت وزيرة البيئة أنها وقعت عدة اتفاقيات لتنفيذ لخطة المساهمات الوطنية وتمويل للمشروعات الخضراء، بحضور رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء في مشروعات رابطة الطاقة والغذاء والمياه، والتي تربط بين التخفيف والتكيف.
وأكدت أن برنامج نوفي يوفر حزمة مشروعات للطاقة والغذاء والمياه لنحو ٩ مشروعات باستثمارات حوالى ١٥ مليار دولار، وكل قطاع تشارك في تمويل جهة رئيسية، كالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في الطاقة، وبرنامج إيفاد في الزراعة، وبنك التنمية الإسلامي وبنك التنمية الأفريقي في المياه.
ولفتت الوزيرة إلى إطلاق خطة مصر الاستثمارية للاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية ٢٠٥٠ ، كما شهدت قمة المناخ إطلاق البورصة المصرية لأول سوق للكربون الطوعي ضمن فعاليات يوم التمويل بالمنطقة الزرقاء بالجناح المصرى على هامش مؤتمر الأطراف ال27 لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغيرات المناخية .
وأوضحت وزيرة البيئة ان سوق تداول شهادات الكربون يعد أحد آليات التمويل المبتكرة غير التقليدية كالمنح والقروض واستثمارات القطاع الخاص، وهو ما يفتح المجال أمام الدول الإفريقية حيث تساهم عمليات تداول شهادات الكربون فى حصولها على مقابل مادى يسمح لها بتنفيذ مشروعات للتصدى للآثار السلبية للتغيرات المناخية .
وأضافت الوزيرة أن مصر أعدت خطتها الاستثمارية للمناخ لتضمن أنها تسير في المسار الصحيح لتمويل المناخ، لتقوم بخلق نموذج تمويلي لمصر يحدد المخاطر والفرص الاستثمارية والقطاعات الواعدة والعقبات.
وتابعت :” كما حرصت أن يكون القطاع الخاص والشركاء الدوليين جزء من تنفيذ خطة المساهمات الوطنية، وأيضا التمويل الحكومي للحلول القائمة على الطبيعة، و تشجيع القطاع الخاص بإعلان أول سوق طوعي للكربون في مصر ولإفريقيا، والبحث عن مزيد من مصادر التمويل للقارة.
وقالت إنه على هامش قمة المناخ تم الاتفاق على التعاون بين الجانب المصرى والأمريكى فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة ، بهدف تسريع وتيرة العمل المناخى. ولفتت إلي أن التعاون يتضمن مجال الطاقة من خلال زيادة الطاقات الجديدة والمتجددة بقدرة ١٠جيجا وات
وأوضحت وزيرة البيئة أن مصر تسعى أن يصبح هناك توازن بين خطط التخفيف والتكيف ، والعمل على جعل التكيف قابل للتمويل.
وقالت “فؤاد” إن التمويل هو أحد الموضوعات الحيوية ليس فقط للدول النامية لكن لمؤتمر المناخ COP27 بشكل عام، خاصة أن ما يشهده العالم في عام ٢٠٢٢ من أزمات يمس ضرورة تمويل التكيف.
وأشارت الوزيرة إلى إمكانية ربط التكيف بالاستثمار، وترجمة إجراءات التكيف إلى أرقام وقيمة نقدية لنقيم النتائج بشكل واضح، مشيرة إلى إلى إحصائيات المفوضية العالمية للتكيف والتي توضح أن استثمار ١.٨ تريليون دولار عالميا في التكيف سواء أنظمة الانذار المبكر أو البنية التحتية المقاومة للمناخ يمكن أن تنتج ٧.١ تريليون دولار، وهذه معادلة يمكن الاستناد عليها فى نقاشنا حول تمويل التكيف والاستثمار فيه.
وأوضحت “ياسمين فؤاد” أن مبادرة المخلفات “50 بحلول عام 2050” تسعى لتحفيز المزيد من الاستثمار والجهود لتطوير النظم الإيكولوجية لإدارة المخلفات الأفريقية ، والتصدي بسرعة للتحديات المتأصلة من خلال زيادة قدرات المعالجة وإعادة التدوير، وتحديد المستوى اللازم لصنع السياسات ورفع مستوى الوعي العالمي القاري ، كما ستساهم الاستثمارات أيضًا بشكل مباشر في معالجة أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (الأمم المتحدة) وأهداف ESG للقطاع الخاص، مما يجعل هذه المبادرة أداة تنفيذ تتماشى مع طموح COP27.
وقالت إنه تم إطلاق أول خريطة لتقييم حساسية تغير المناخ، والتي ستساعد مصر على تأمين استثماراتها والتخطيط الجيد لمستقبل أفضل لمواطنيها، مشيدة بالدعم الذي قدمه المركز الدولي للتدريب والاستشارات ITCC بنماذج ساعدت على استكمال هذا العمل، وساعدت صانعي قرار وسياسات أن نعمل على تحليل البيانات وإدارتها.
وقالت إن قمة المناخ مؤتمر شمولى يضم الجميع ويتضمن نهج شامل لكيفية تكيف الحكومات مع التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية .
ولفتت إلى إطلاق مركز الاستدامة لشركة شنايدر إلكتريك، على هامش مؤتمر المناخ cop27 وهو ما يؤكد أن الدولة المصرية بكافة أجهزتها تعطى نماذج تنفيذية للعالم على كافة المستويات للتصدى لآثار التغيرات المناخية ومنها الجهود المصرية لتسريع وتيرة العمل المناخى من خلال دمج وإشراك القطاع الخاص والعام.
ولفتت إلى أن المركز سيقوم برفع الوعى بالاستدامة والذى سيتواكب مع زيارة افتتاح المحميات ليرى الشباب على أرض الواقع كنموذج تنفيذى لنرفع جميعا شعار معا للتنفيذ.
وأوضحت وزيرة البيئة أن مصر لديها وظائف خضراء فى العديد من المجالات كالطاقة المتجددة وإدارة المخلفات، ، ونعمل على خلق بيئة مناسبة للشراكة بين القطاعين العام والخاص والشركات الوطنية والعالمية لاستقطاب التكنولوجيا النظيفة قليلة التكلفة.
ولفتت إلى وجود مباحثات مع شركة جوجل العالمية لدعم العمل البيئى وخاصة بعدد من المجالات المرتبطة بقضايا المناخ والاستدامة والاقتصاد الأخضر وخفض الانبعاثات باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي و أولويات وزارة البيئة لدعم الاستدامة .
وأشارت إلى أن وزارة البيئة أطلقت مسابقة بيئية شهرية على الموقع الالكتروني للوزارة ، وشملت المسابقة مجموعة من الأسئلة المتعلقة بحماية البيئة وتنميتها والامراض المترتبة على تلوث الهواء وخاصة امراض الحساسية، في إطار جهود الوزارة للتوعية البيئية.
وأوضحت وزيرة البيئة أن مصر من خلال إعدادها لاستضافة مؤتمر المناخ حرصت على الخروج بعدد من المبادرات كآليات تنفيذية تهدف لجعل الحياة أفضل، في ظل الأزمة المناخية التي أصبحت واقعا يطارد العالم كله وظهرت آثارها جلية على الانسانية في ٢٠٢٢، وما تشير له الأرقام من معاناة ٣٠٪ من سكان العالم من سوء التغذية، والتي قد تتزايد مع آثار تغير المناخ على الصحة، مما يتطلب مواجهة تلك الآثار، وضرورة تغيير ممارساتنا الغذائية.
وأشارت الوزيرة إلى أن مصر حرصت على إطلاق ثلاث مبادرات مرتبطة ببعضها في قلب الاحتياجات الانسانية، وهم مبادرة الزراعة والتكيف والتي تركز على ما يتم إنتاجه من غذاء، وأنظمة الغذاء والمخلفات الناتجة عنها لضمان تحقيق الأمن الغذائي، ومبادرة العمل المناخي والتغذية Iوالتي تركز على طرق الاستهلاك وما يتم استهلاكه وتأثيره على الصحة ومواجهة سوء التغذية، وعلاقتها بتغير المناخ، إلى جانب مبادرة النوع “المرأة” في المناطق الريفية وخاصة في إفريقيا، باعتبار المرأة من أكثر الفئات تعرضا وتأثرها بتغير المناخ، وتحتاج لتعزيز قدراتها على المواجهة، وأن تكون أكثر قوة وصحة.
وأكدت فؤاد على حرص الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ COP27 على تعزيز دور المرأة ، وتم بحث عدد من الأنشطة والفعاليات والمناقشات الخاصة بدمج المرأة في العمل المناخي وتعزيز قدرتها، و الاستعانة بها، وتم سلط الضوء على مساهمات المرأة الإفريقية واحتياجاتها.