
أعلن الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، في مؤتمر صحفي مشترك بالبيت الأبيض مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، الليلة الماضية، عن خطة شاملة لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو عامين في قطاع غزة، تقوم على وقف القتال ونزع سلاح الفصائل الفلسطينية، مقابل انسحاب إسرائيلي تدريجي، وإطلاق عملية إعادة إعمار واسعة تحت إشراف دولي.
الخطة، التي حظيت بتأييد “نتنياهو” وتعهدت حركة “حماس” بدراستها “بحسن نية”، تتضمن أيضاً تبادل الأسرى والرهائن بين الجانبين، وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك محكومون بالمؤبد، وتتعهد واشنطن وفقها بتشكيل قوة استقرار دولية تنتشر في القطاع فوراً، لتتولى الإشراف الأمني إلى جانب تدريب قوات شرطة فلسطينية بالتعاون مع مصر والأردن.
خطة ترامب: وقف للقتال ونزع السلاح مقابل انسحاب إسرائيلي
تضع الخطة جدولاً زمنياً للانسحاب الإسرائيلي على ثلاث مراحل، تبدأ بإطلاق سراح الرهائن مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين، ثم نشر قوة الاستقرار الدولية، وصولاً إلى مرحلة نهائية تفضي إلى إخلاء جيش الاحتلال الإسرائيلي القطاع باستثناء منطقة أمنية عازلة.
وبحسب البنود، ستُدمر البنية التحتية العسكرية في غزة، بما في ذلك الأنفاق ومنشآت إنتاج السلاح، على أن يشرف مراقبون دوليون مستقلون على عملية النزع الكامل للسلاح.
إدارة انتقالية دولية تدير غزة بقيادة “مجلس سلام” جديد
تنص الخطة على إنشاء إدارة انتقالية غير سياسية في غزة، تتكون من لجنة تكنوقراطية فلسطينية وخبراء دوليين، بإشراف “مجلس سلام” جديد يرأسه ترامب، ويضم شخصيات عالمية مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق “توني بلير”.
ولن يكون للفصائل الفلسطينية أي دور في الحكم، بينما يُمنح عناصر “حماس” خيار تسليم السلاح مقابل عفو أو مغادرة آمنة إلى دول تقبل استقبالهم.
مساعدات عاجلة وإطلاق برنامج إعمار واسع للقطاع
على الصعيد الإنساني، تتضمن الخطة إدخال مساعدات فورية لإعادة تأهيل المستشفيات والبنى التحتية الأساسية، وفتح معبر رفح وفق آلية دولية، إلى جانب إطلاق خطة اقتصادية متكاملة لإعادة إعمار غزة، تشمل منطقة اقتصادية خاصة تمنح حوافز للمستثمرين.
وتشدد الخطة على أن سكان القطاع “لن يُجبَروا” على مغادرته، مع توفير فرص للبقاء والمشاركة في بناء “غزة جديدة مزدهرة”.
الأمم المتحدة ترحب… وغموض يكتنف مستقبل الدولة الفلسطينية
رحبت الأمم المتحدة بخطة “ترامب” وأبدت استعدادها لدعمها وتقديم المساعدات الإنسانية، فيما أبدت دول ومنظمات دولية أخرى مواقف إيجابية تجاهها، غير أن الخطة بقيت غامضة بشأن مسار إقامة الدولة الفلسطينية، مكتفية بالإشارة إلى أن “إصلاح السلطة الفلسطينية” قد يفتح الباب أمام تقرير المصير “في المستقبل”.
وبينما يرى مراقبون أن المبادرة قد تفتح نافذة لإنهاء الحرب، فإنها تثير تساؤلات كبيرة حول آليات التنفيذ، وقدرتها على تجاوز الانقسامات الإقليمية والدولية التي أعاقت سابقاً أي تسوية للصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.
بيان عربي إسلامي داعم لمبادرة ترامب
وفي تطور لافت، أصدر وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا والسعودية وقطر بياناً مشتركاً رحبوا فيه بـ”الجهود الصادقة لـ “ترامب” لإنهاء الحرب في غزة، وأكدوا ثقتهم بقدرته على إيجاد طريق للسلام.
وشدد الوزراء على أهمية الشراكة مع الولايات المتحدة في ترسيخ السلام بالمنطقة، مثمّنين ما ورد في المبادرة الأميركية بشأن وقف القتال، إعادة إعمار القطاع، منع تهجير الفلسطينيين، وإعلان “ترامب” رفضه ضم الضفة الغربية.
كما أكد البيان استعداد هذه الدول للتعاون مع واشنطن والأطراف المعنية لتنفيذ الاتفاق وضمان نجاحه، بما يحقق السلام والأمن لشعوب المنطقة.
وأعاد الوزراء التذكير بالتزامهم بمسار حل الدولتين باعتباره السبيل إلى الاستقرار، مؤكدين ضرورة توحيد غزة والضفة الغربية في دولة فلسطينية وفق القانون الدولي.
انقسام داخل إسرائيل بين دعم نتنياهو وانتقادات اليمين المتشدد
ورغم تأييد “نتنياهو”، أثارت الخطة انقساماً سياسياً داخل إسرائيل، فقد هاجم وزير المالية “بتسلئيل سموتريتش” المبادرة واعتبرها “فشلاً سياسياً ودبلوماسياً” وعودة إلى “أوهام أوسلو”، محذراً من أن إسرائيل ستجد نفسها مضطرة لخوض حرب جديدة في غزة مستقبلاً.
نتنياهو: الجيش باقٍ في غزة ولا لدولة فلسطينية
ورغم موافقته الرسمية على الخطة الأميركية، أكد “نتنياهو”، صباح اليوم الثلاثاء، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي “سيبقى في معظم أنحاء غزة”، متعهداً عبر حسابه على “تليجرام” باستعادة جميع الرهائن “أحياء وبصحة جيدة”.
كما شدد رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي على رفضه القاطع لأي حديث عن دولة فلسطينية، قائلاً إنه لم يوافق على ذلك خلال محادثاته مع “ترامب”، مضيفاً: “أوضحنا تماماً أننا نعارض دولة فلسطينية بشدّة، وهذا لم يرد في الاتفاق”.