كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطينيين، شهادات جديدة لمعتقلي قطاع غزة بعد زيارات جرت لـ23 معتقلا في سجن (النقب)، ومعسكر (نفتالي)، على مدار يومين.
وتضمنت الشهادات تفاصيل صادمة ومروعة عن عمليات التّعذيب الممنهجة التي تعرض لها المعتقلون، تحديدا في الفترة الأولى على اعتقالهم، وفي فترة التحقيق، واليوم وبعد مرور 464 يوًما على حرب الإبادة، ومرور عام وأكثر على اعتقال الغالبية ممن تمت زيارتهم، فإن جرائم التعذيب والتنكيل والتجويع والجرائم الطبيّة، والضرب المبرح وعمليات القمع، تخيم على روايات وشهادات المعتقلين، إلى جانب ظروف الاحتجاز القاسيّة، واستمرار تفشي مرض (السكايبوس – الجرب) بين صفوفهم، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.
تعذيب ممنهج
وأكدت الهيئة والنادي، في تقرير جديد يضاف إلى مجموعة من التقارير التي كشفت من خلالها، عن الجرائم الممنهجة التي مارستها منظومة الاحتلال بحقّ معتقلي غزة، أنّ معسكر (سديه تيمان)، الذي شكل العنوان الأبرز لعمليات التعذيب، لم يعد المعسكر الوحيد الذي مورس فيه عمليات تعذيب وفظائع، ومنها اعتداءات جنسية، بل إن شهادات المعتقلين في غالبية السجون المركزية والمعسكرات عكست ذات المستوى من التوحش الممنهج، ونذكر هنا بشكل أساسي سجني (النقب)، و(عوفر).
وكان الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن جفير) قد خرج مؤخرا بفيديو من سجن (ركفيت) وهو سجن موجود تحت زنازين سجن (نيتسان الرملة)، أعاد فتحه مجدداً بعد الحرب لاحتجاز معتقلين من غزة، وهو واحد من بين عدة معسكرات (استحدثها) الاحتلال بعد الحرب لاحتجاز معتقلي غزة، أبرزها: (معسكر عوفر، ومعسكر نفتالي، ومعسكر عناتوت، ومعسكر سديه تيمان) وهي المعسكرات المعلومة فقط لدى المؤسسات المختصة، علماً أن معتقلي غزة جرى توزيعهم على كافة السّجون المركزية، واحتجزوا في العديد من المعسكرات التي أنشأها الجيش ميدانيا في غلاف غزة.
واستعرضت الهيئة والنادي جزءًا من الشهادات التي حصلت عليها من معتقلين في سجن (النقب)، إضافة إلى إفادات من معتقلين محتجزين في معسكر (نفتالي).
“حرقوني بالماء الساخن”
ووفقًا لوكالة “وفا”، أفاد المعتقل (ك، ن) البالغ من العمر (45 عاما)، والمعتقل منذ شهر ديسمبر 2023، “منذ اعتقالي تعرضت للضرب المبرح، حتى أُصبت بكسور في جسدي، في محاولة لانتزاع اعترافات مني، وبقيت في معسكر في غلاف غزة لمدة 58 يوما، وكانت مثل عذاب الآخرة – تكبيل وضرب طوال الوقت وإذلال وإهانات- عند نقلي إلى سجن (النقب)، حرقوني بالماء الساخن من خلال رشقي بالماء الساخن بإبريق كهربائي، وما تزال آثار الحروق واضحة على جسدي، اليوم أعيش بالخيام، والخيام ممزقة، نعاني من البرد القارس، واليوم نموت من البرد ومن الجوع”.
“أنام بالجوع وأستيقظ بالجوع”
أما المعتقل (ع.ه) البالغ من العمر (21 عاما): “اعتقلت في فبراير 2024، خلال عملية نزوح نقلت إلى أحد المعسكرات في غلاف غزة، وبقيت هناك لمدة 12 يوما، ثم جرى نقلي إلى معسكر في القدس، ثم إلى “عوفر”، ثم إلى “النقب”، في كل رحلة كانت بمثابة رحلة عذاب وموت، واليوم الدمامل والجروح والثقوب تغطي جسمي، بعد إصابتي بمرض السكايبوس – الجرب، وأنام حاليا بالجوع وأستيقظ بالجوع، وإلى جانب كل ما أعانيه فإنني أعاني من مشكلة ضغط العين، وبحاجة إلى متابعة، فمنذ طفولتي لم أعد أرى في عيني اليمنى، واليوم عيني اليسرى في خطر شديد”.
“ذبحونا من الضرب وتبول الجنود علينا”
فيما أفاد المعتقل (م.ح) البالغ من العمر (21 عاما)، والمعتقل منذ ديسمبر 2024، “الأيام الأولى على اعتقالي كانت فظيعة، تعرضت للتّعذيب والتّنكيل، حيث نقلت إلى ساحة (البراوي، وتعرضت ليوم كامل للضرب المبرح، “ذبحونا من الضرب على مدار يوم كامل”، ثم نقلونا على مكان آخر، ورشقوا المياه العادمة علينا، وتبولوا علينا، ثم نقلنا إلى معسكر لمدة 27 يوماً، هناك بقينا (راكعين) على الركب، ومعصوبي الأعين، ومقيدي الأيدي والأقدام، ولاحقا جرى نقلنا إلى سجن النقب، واليوم نعيش العذاب والموت البطيء على مدار الساعة”. أشار المحامي إلى أنه خرج المعتقل (م.ح) وهو يرتدي (فانيلا) صيفية وممزقة، وكان يرتجف من البرد، ومرض الجرب يغطي جسده”.
“نعيش في جحيم”
وقال المعتقل (خ.ج): “في بداية اعتقالي كنا نعيش في جحيم، ولا نعرف ما مصيرنا، ولا وضعنا القانوني، مورس بحقنا كافة أشكال الجرائم والتنكيل والحرمان، واليوم نواجه الجوع، فكميات الطعام قليلة جداً وغير صالحة للاستخدام الآدمي وغالبية الأسرى يقومون بجمع لقيمات الطعام حتى يأكلوا وجبة واحدة ليلاً، ومنذ اعتقالنا محرمون من السكر والملح، واليوم نعاني من ظروف اعتقال صعبة محرمون من كافة مقومات الحياة الأساسية”.