عقارات

تفاؤل حذر في سوق العقارات.. نمو مطّرد يواجه بعض التحديات

ينظر العديد من الخبراء في القطاع العقاري بعين متفائلة إلى انضمام مصر لتجمع “بريكس”، إذ تبدو فرصة حقيقية لتحقيق مزيد من النمو في القطاع الذي يشهد نموًا بالفعل خلال الفترة الأخيرة على الرغم من عديد التحديات التي يأتي في مقدمتها جائحة كورونا وارتفاع معدلات التضخم، فضلا عما تسببت فيه الحرب الروسية الأوكرانية من زيادة في تكاليف وأسعار مواد البناء.

القطاع العقاري يسهم بنحو 20 % من إجمالي الناتج المحلي لمصر سنويًا، وفقا لغرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية. ويعتقد المهندس حسين داوود، عضو شعبة الاستثمار العقاري، أن القطاع سيكون المستفيد الأكبر من عضوية مصر الدائمة في تجمع “بريكس”؛ ذلك أنه يضم نحو 40 بالمئة من سكان العالم، وهو ما يسهم بشكل كبير في زيادة استثمارات تلك الدول بالقطاع العقاري داخل مصر. وأضاف أن عضوية مصر كذلك في مجموعة بنك التنمية التابع للتجمع، سيتيح لها فرص الحصول على تمويلات لتنفيذ مشروعاتها التنموية بشروط وتيسيرات أفضل بعيدا عن قيود مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

توقعات باستمرار النمو

وبشكل عام، تشير توقعات الخبراء إلى استمرار نمو القطاع العقاري وانتعاش مبيعاته خلال العام الحالي. وبحسب تحليل أجرته مؤسسة “نايت فرانك” لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تبرز مصر كنقطة جذب للاستثمار العقاري، وقد أكد المدير الإقليمي للمؤسسة، جيمس لويس، أن سوق العقارات تنعم بذروة ازدهارها حاليًا في مصر؛ بفضل التوسع الحضري السريع وتزايد عدد السكان، وزيادة الاستثمارات الأجنبية. ويرى لويس أن القطاع الذي يُسهم بنسبة تقدر بنحو 16% في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، يستعد لتحقيق مزيدٍ من النمو.

ويعكس الاهتمام المتزايد من صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط بالاستثمار في مصر، بما يصل إلى 120 مليار دولار، نظرة مستقبلية إيجابية للاقتصاد المصري عموما والقطاع العقاري خصوصا، إذ تؤكد مؤسسة “نايت فرانك” أن القطاع يتمتع بآفاق متميزة للاستثمار في مصر. ويقول فيصل دوراني، رئيس أبحاث الشرق الأوسط في المؤسسة، إن هناك زيادة ملحوظة في الطلب الخليجي، حيث يتطلع المشترون الخليجيون بشكل متزايد إلى سوق العقارات الثانوية في مصر التي تحتل مكانة خاصة لديهم.

تقرير “نايت فرانك” يشير إلى أن الإمارات استثمرت بالفعل في 71 مشروعا عقاريا في مصر، بقيمة تصل إلى 5.6 مليار دولار في عام 2021. يضاف إلى ذلك استثمار السعودية البالغ 6.1 مليار دولار حتى الآن في 6017 مشروعًا في مجالات الصناعة والبناء والسياحة وغيرها من القطاعات، وفقًا لتصريحات سابقة لوزير التجارة والصناعة المصري أحمد سمير.

المزيج الجذاب الذي تتمتع به مصر من التراث الغني والموقع الجغرافي الاستراتيجي والاقتصاد المزدهر يدفعها إلى طليعة الوجهات الاستثمارية، وفقا لرئيسة مكتب مصر لـ”نايت فرانك” زينب عادل، التي تؤكد أن “في قلب هذه الأرض التاريخية تكمن فرصة استثنائية، وهي فرصة يتردد صداها بقوة مع سوق دول مجلس التعاون الخليجي والمشترين في الشرق الأوسط على حد سواء”.

وتمثل سوق العقارات أكثر من 60 % من حجم التعاملات في الاقتصاد المصري، حيث تشمل مواد البناء والعمالة والمهندسين والحركة العقارية، وفقا للدكتور حسام البرمبلي، أستاذ العمارة وصيانة المباني بكلية الهندسة جامعة عين شمس، الذي يعتقد أن الاستثمار في ذلك المجال يدر ربحا أكبر من الاستثمار في مجال الذهب والعملات وغيرها من المجالات. وتتجلى في القطاع العقاري -وفقا للخبراء- فرص نمو قوية، نتيجة للبنية التحتية القوية التي نفذتها الدولة من شبكة طرق قوية، وتطوير خدمات المياه والصرف الصحي، فضلا عن التخطيط الجيد للمشروعات العقارية من قبل المطورين العقارين وما يتم توفيره من خدمات ومميزات داخل المشروعات.

تحديات ينبغي تذليلها

غير أن القطاع الذي أجمع عديد الخبراء على أن فيه فرص نمو قوية، لا يخلو من بعض التحديات التي ينبغي تذليلها لمواصلة ذلك النمو. وفي ذلك يقول المهندس داكر عبد اللاه، عضو شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية، إن من تلك التحديات ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل مبالغ، خاصة أسعار الحديد وكذلك تراجع سعر الجنيه مقابل الدولار وإلغاء مبادرة التمويل العقاري في 2022 وارتفاع أسعار الفائدة على إقراض المشروعات العقارية، وكذلك ارتفاع أسعار الأراضي المخصصة للمشروعات العقارية، مشددا على ضرورة وضع خطة استثنائية لمساعدة القطاع العقاري على النمو في هذه الظروف وحل هذه التحديات.

وعما إن كانت هناك مطالب أو رؤية لتحسين مناخ الاستثمار خاصة فيما يتعلق بالعقارات، قال إن هناك مطالب عده متمثلة في منح عناصر جذب قوية لأي مستثمر عربي أو أجنبي يستعد للاستثمار في السوق المصرية وتشجيع المستثمرين الموجودين حاليا بإزالة أي معوقات، من تراخيص وتخصيص أراضٍ وتمويلات بنكية بضوابط عادلة وكذلك فتح طرق جديدة ومبتكرة لتصدير العقار المصري.

كما شدد على ضرورة وضع سقف محدد لأسعار مواد البناء حتى لا يتم المغالاة بشكل غير معقول ومبالغ فيه، وهو ما لا يمكن تحققه إلا بوضع خطة ورؤية واضحة تشمل تكاليف الإنتاج وهامش الربح في كل حلقة بعيدا عن المزايدة حسب الأهواء، وهذا دور أصيل للحكومة ويمكنها وضع ضوابط حاكمة له من خلال الجهات الرقابية بعيدا عن التعدي على سياسة السوق الحرة.

وذهب المطور العقاري خليفة أبوصبيح، إلى أن سوق العقارات وإن كانت “نشط للغاية وتشهد طلبًا متزايدًا” فإن ثمّة عددًا من التحديات التي تواجهها. لكن على الرغم من تلك التحديات، يُتوقع أن يستمر نمو السوق العقارية المصرية في المستقبل، بناءً على عدد من العوامل الإيجابية، كالنمو الاقتصادي القوي، والزيادة في عدد السكان، وانخفاض الفائدة.

استراتيجية عمل قوية

وتسعى لجنة غرفة التطوير العقاري خلال العام الجاري، إلى تنفيذ استراتيجية عمل قوية، لدعم خطط جميع شركات القطاع العقاري من أجل تحقيق التوازن بين التكاليف وأسعار بيع الوحدات لإمكانية التواصل في تسويق مشروعاته، فيما تشير بوابة “بروبرتي فايندر” العقارية التي تعمل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى أن المشاريع قيد التنفيذ والمجمعات الجديدة والطلب المتزايد على الملكية سترسم ملامح مستقبل القطاع العقاري في مصر.

كان مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، توقع أن تسجل سوق العقارات في مصر نموًّا مركبًا قدره 5 % خلال فترة (2022-2027) على الرغم من تداعيات جائحة كوفيد-19. واستعرض المركز مميزات القطاع العقاري المصري حيث يتميز بالدعم الحكومي لمشروعات البناء في جميع أنحاء البلاد، فضلًا عن نقاط السعر المواتية للمستثمرين الأجانب التي تدعم الطلب الجيد على الأسهم العقارية التجارية المحلية، كما تسمح المساحات الكبيرة للأراضي بتطوير مخزون استراتيجي جديد من العقارات في كل من الأسواق التي نغطيها، ويعد تحسين الخلفية التنظيمية لقطاع العقارات تطورًا يلقى ترحيبًا من قبل المستثمرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *