سلايدرعالم

تعذيب وإذلال بسجون الاحتلال.. شهادات مأساوية يرويها معتقلي غزة

رغم توقف الحرب الدامية المستمرة لأكثر من 15 شهرًا بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين والأسرى في غزة حيز التنفيذ منذ أكثر من 3 أسابيع، لا زالت جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة تتكشف، ويرويها الأسرى بالدموع والرعب مما جرى بهم.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، في تقرير صادر عنهما اليوم الاثنين، إن شهادات لا تنتهي تعكس مستوى جرائم التعذيب المستمرة بحق معتقلي غزة في معسكرات وسجون الاحتلال الإسرائيلي، وذلك استنادًا إلى مجموعة من الزيارات التي أُجريت مؤخرًا لـ11 معتقلًا من غزة في معسكرات (سديه تيمان، نفتالي، وعناتوت) وسجن النقب.
وروى المعتقلون مجددًا ما تعرضوا له من عمليات تعذيب وإذلال وتنكيل خلال اعتقالهم من غزة، وفترات التحقيق القاسية، بحسب بيان صادر عن الهيئة والنادي، اليوم الاثنين.
إذلال وتنكيل ممنهج
إلى جانب ذلك، نقلت الطواقم القانونية تفاصيل ظروف الزيارة، التي تعكس مستوى الإذلال الذي يتعرض له المعتقلون، لا سيما استمرار تقييدهم من الأطراف، وتحويل حاجاتهم الأساسية إلى أدوات تعذيب وتنكيل، فضلًا عن تعرضهم لنوع من التحقيق يُعرف بتحقيق “الديسكو”.
تحقيق “الديسكو”
بحسب إفادة المحامية التي زارت أحد المعتقلين، فقد “أُحضر المعتقل (ي.ف) إلى الزيارة، حيث تعمد الجندي سحبه بطريقة مهينة من سترته التي بدت أكبر من حجمه بكثير، ولم يتمكن المحامي من رؤية وجهه إلا بعد إزالة العصبة عن عينيه، حيث بدا الأسير مستغربًا من الضوء”.
وروى المعتقل أنه تعرض لتحقيق “الديسكو” في معسكر (سديه تيمان)، حيث يتم تشغيل الموسيقى الصاخبة بشكل مستمر لمدة يومين. وبعد 30 يومًا، عُقدت له جلسة محاكمة استغرقت خمس دقائق، دون أن يتمكن من فهم تفاصيل الجلسة أو سبب اعتقاله.
وأكد المعتقل (ي.ف) أن ظروف الاعتقال في معسكر (عناتوت) قاسية، حيث يبقى المعتقلون معصوبي الأعين ومكبلين الأيدي طوال الوقت، كما يُمنع عليهم الحديث مع أي معتقل آخر.
الحاجة للحمّام أداة للتنكيل
وبحسب البيان، أما المعتقل (م.ي)، فلم يكن يدرك مكان احتجازه إلا بعد أن أبلغته المحامية بذلك، بسبب بقائه معصوب الأعين ومكبل الأيدي طوال الوقت. وأفاد بأن معسكر (عناتوت) شديد البرودة، ويُمنع المعتقلون من الحديث، ويجبرون على الجلوس في وضعيتين فقط: إما على الركب أو على المؤخرة طوال ساعات النهار.
كما تُستخدم الحاجة لقضاء الحاجة وسيلةً للإذلال، حيث يُعاقب المعتقلون الذين يطلبون الذهاب إلى الحمام بإجبارهم على الجلوس على الركب لفترة طويلة دون فراش، مع رفع البنطال حتى الركبة لتلامس الأرض، وتكبيل أيديهم خلف الرأس.
حرمان من أساسيات الحياة
أما على صعيد الطعام، فهو قليل جدًا ويقتصر على لقيمات، ويُسمح لهم بالاستحمام مرة واحدة أسبوعيًا، فيما يتم تبديل ملابسهم مرة واحدة شهريًا. كما يُحرم المعتقلون من الصلاة أو الوضوء، ومن يُضبط وهو يصلي أثناء الجلوس يتعرض للعقاب.
وفي زيارة لأحد المعتقلين في معسكر (سديه تيمان)، أفاد المعتقل (م.م) بأنه تعرض للضرب المبرح خلال عملية اعتقاله، ما تسبب له بكسور في أضلاعه.
وبعد مرور ثلاثة أشهر على اعتقاله، لا يزال يعاني من آلام في صدره، ولم يُعرض على أي محاكمة حتى الآن.
وأوضح أن كل 55 أسيرًا يتشاركون ثلاث قطع من المحارم فقط، مؤكدًا أن بعض المعتقلين الذين أُحضروا حديثًا إلى المعسكر تعرضوا للضرب.
سجن النقب: الجوع والإذلال
وتتواصل الشهادات المأسوية للمعتقلين الفلسطينيين في سجن النقب، حيث تركزت إفادات الأسرى حول جريمة التجويع وعمليات الإذلال المستمرة، إضافة إلى انتشار مرض الجرب “السكابيوس”.
وأفاد أحد المعتقلين بأنهم يبقون في حالة جوع دائم بسبب تلاعب إدارة السجن بمواعيد تقديم الطعام القليل أصلًا.
فيما أشار بعض المعتقلين إلى أنهم لم يُزودوا بمقصات الأظافر منذ شهرين، ولم تُوفر لهم ماكينات الحلاقة.
حقائق صادمة
ـ حتى اليوم، لا يوجد تقدير دقيق لعدد المعتقلين من غزة في سجون ومعسكرات الاحتلال، لكن المعطى الوحيد المتوفر هو ما أعلنته إدارة سجون الاحتلال في يناير الماضي، حيث صنفت (1886) معتقلًا على أنهم “مقاتلون غير شرعيين”، بينهم ثلاث أسيرات محتجزات في سجن (الدامون)، وعشرات الأطفال في سجن (مجدو) ومعسكر (عوفر).
ـ لا تزال المؤسسات الحقوقية غير قادرة على تحديد عدد حالات الاعتقال من غزة بسبب جريمة الإخفاء القسري التي فرضها الاحتلال على المعتقلين منذ بدء الحرب، ويُقدر عددهم بالآلاف.
ـ استحدث الاحتلال معسكرات خاصة لاحتجاز معتقلي غزة إلى جانب السجون المركزية، من بينها معسكر (سديه تيمان)، ومعسكر (عناتوت)، ومعسكر داخل سجن (عوفر)، إضافة إلى معسكر (نفتالي)، وقد يكون هناك معسكرات أخرى غير معلن عنها.
ـ شكّلت شهادات المعتقلين تحولًا بارزًا في كشف مستوى توحش الاحتلال، حيث وثّقت جرائم تعذيب وتنكيل وتجويع، إلى جانب الاعتداءات الطبية الممنهجة، والانتهاكات الجنسية، واستخدام الأسرى كدروع بشرية.
ـ شكّل معسكر (سديه تيمان) عنوانًا بارزًا لجرائم التعذيب الممنهجة، بما في ذلك اعتداءات جنسية، وفق شهادات معتقلين أُفرج عنهم.
ـ أدت هذه الجرائم إلى استشهاد العشرات من المعتقلين، عدا عن عمليات الإعدام الميداني. وأعلنت المؤسسات المختصة عن استشهاد (37) معتقلًا من غزة، من بين (58) أسيرًا استشهدوا منذ بدء الحرب، فيما يواصل الاحتلال إخفاء بقية أسماء الشهداء.
ـ تواصل سلطات الاحتلال منع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارة المعتقلين، كما تمنع أي زيارات أخرى لجميع الأسرى والمعتقلين.
ـ نفذ الاحتلال حملات اعتقال واسعة في شمال غزة، طالت العشرات من الطواقم الطبية، ولا تزال المعلومات عن مصيرهم غير متوفرة، حيث يُعتقد أنهم رهن الإخفاء القسري.
دعوة لإنهاء حصانة الاحتلال
شدد نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين، على ضرورة إنهاء الحصانة الاستثنائية التي منحتها دول الاستيطان القديم لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي جعلتها فوق المساءلة والمحاسبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *