
أطلقت الحكومة المصرية في سبتمبر 2025 الجاري “السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية”، باعتبارها خريطة طريق شاملة لتحقيق مستهدفات رؤية مصر 2030.
الوثيقة، التي قدمتها الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بمشاركة وزارة الاستثمار، لا تعد خطة تقليدية، بل منصة حوارية تجمع الدولة والقطاع الخاص والشركاء الدوليين والمجتمع المدني، تمهيدًا لاعتمادها نهائيًا في ديسمبر المقبل بعد حوار مجتمعي يمتد حتى نوفمبر.
تسعى السردية إلى رفع معدل النمو من 4.5% حاليًا إلى 7% بحلول 2030، وزيادة الاستثمارات الكلية إلى 18% من الناتج المحلي مقارنة بـ15.2% في الخطة الجارية.
كما تضع القطاع الخاص في قلب العملية التنموية، إذ تستهدف رفع حصته من الاستثمارات إلى 66% بدلا من 60% حاليًا، ، مع تعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 9.1% الآن إلى 11.9% خلال خمس سنوات، لتصل مساهمته الإجمالية في الناتج المحلي إلى 82% بحلول 2030.
الوثيقة تولي أهمية خاصة للتحول الأخضر؛ حيث تسعى لزيادة التمويلات الخضراء إلى ما بين 70–75% من الاستثمارات العامة بحلول 2030، بعد أن وصلت إلى 50% حاليًا.
وفي هذا السياق، حصدت مصر في أغسطس الماضي اختيارها ضمن 7 دول فقط عالميًا للانضمام إلى برنامج صناديق الاستثمار المناخية (CIF)، كما كانت أول دولة بالمنطقة تُصدر سندات خضراء دولية بقيمة 750 مليون دولار.
التحركات انعكست على المؤشرات الدولية، حيث تقدمت مصر 6 مراكز في مؤشر الأداء المناخي العالمي لتصل إلى المرتبة 20، كما حسّنت درجتها بـ4.5 نقطة في مؤشر الأداء البيئي لجامعة ييل.
في قطاع الطاقة، ارتفعت موازنة الكهرباء والطاقة المتجددة إلى 136.3 مليار جنيه في موازنة 2025/2026 مقابل 72.6 مليار العام السابق، بما يعزز خطط التوسع في إنتاج الكهرباء من المصادر النظيفة.
كما جذبت منصة NWFE تمويلات بقيمة 4 مليارات دولار لمشروعات بقدرة 4.2 جيجاوات ضمن خطة الوصول إلى 10 جيجاوات بحلول 2028.
ولا يقف الطموح عند الاستثمار، إذ تستهدف السردية رفع فرص العمل الجديدة من 900 ألف وظيفة سنويًا إلى 1.5 مليون وظيفة بحلول 2030، بما يتناسب مع الزيادة السكانية ومتطلبات السوق.
السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، بما تحمله من أهداف وأرقام، تمثل دعوة لإعادة صياغة دور مصر في الاقتصاد العالمي عبر شراكات واسعة، ويبقى التنفيذ هو التحدي الحقيقي، وإن كانت خطوات أغسطس وسبتمبر في التمويل الأخضر والطاقة المتجددة وتحسين المؤشرات البيئية تؤكد أن مصر تتحرك بخطى واثقة نحو اقتصاد أكثر استدامة وتنافسية.