
ارتفعت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الأربعاء، لتسجل الأوقية أعلى مستوى في تاريخها، مدفوعة بزيادة الطلب الصناعي والاستثماري، إلى جانب استمرار نقص المعروض، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن».
وأوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المحلية ارتفعت بنحو 5 جنيهات، حيث سجل جرام الفضة عيار 800 مستوى 85 جنيهًا، وبلغ جرام الفضة عيار 925 نحو 98 جنيهًا، فيما سجل جرام الفضة عيار 999 قرابة 106 جنيهات، بينما استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 784 جنيهًا.
وعالميًا، قفزت أسعار الفضة بنحو 5 دولارات للأوقية، لتسجل مستوى 67 دولارًا، وهو أعلى مستوى تاريخي للمعدن الأبيض، مدعومة بمزيج نادر من قوة الطلب الصناعي والاستثماري، واستمرار القيود على جانب المعروض منذ بداية العام.
وواصلت الفضة تحقيق مكاسب قوية لتتجاوز نسبة الارتفاع 131% منذ بداية العام، متفوقة بفارق واسع على أداء الذهب، الذي سجل صعودًا بنحو 60% فقط، في أحد أكثر أعوامه ربحية منذ عام 1979.
محدودية المعروض تضغط على السوق
وأرجع تقرير «الملاذ الآمن» الارتفاع الحاد في أسعار الفضة إلى استمرار العجز في المعروض العالمي، إلى جانب النمو القوي في الطلب، إذ تشير التقديرات إلى أن عام 2025 سيشهد العام الخامس على التوالي من نقص الإمدادات.
وبحسب المكتب العالمي لإحصاءات المعادن، تراجع الإنتاج المستخرج من الفضة بنحو 3% على أساس سنوي، نتيجة انخفاض تركيز الخامات وقلة المشروعات التعدينية الجديدة، ما يحد من قدرة القطاع على زيادة الإنتاج.
في المقابل، توقع معهد الفضة العالمي في تقرير سابق أن ينمو المعروض بنسبة لا تتجاوز 2% خلال العام، وهو ما يُبقي العجز عند مستويات تقترب من 20%، ويزيد من الضغوط السعرية الصاعدة.
طلب صناعي واستثماري مزدوج
وعلى جانب الطلب، لا تزال الفضة عنصرًا رئيسيًا في العديد من الاستخدامات الصناعية، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة والإلكترونيات، حيث أدى التوسع في مشروعات إزالة الكربون والتحول الرقمي إلى زيادة الاستهلاك العالمي، ما دعم أداء الفضة مقارنة ببقية السلع.
كما ساهم الجمع بين الدور الصناعي والاستثماري للمعدن الأبيض في تعزيز جاذبيته، لا سيما مع تنامي التدفقات إلى صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة، بالتزامن مع تصاعد التوقعات بشأن تخفيف السياسة النقدية العالمية، واحتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال عام 2026.
وأدى ذلك إلى تقليص تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد، ما عزز اهتمام المحافظ الاستثمارية المؤسسية بالفضة كأداة للتحوط وتنويع المخاطر.
زخم إيجابي من المعادن النفيسة
وفي السياق ذاته، شهدت المعادن النفيسة الأخرى أداءً قويًا، حيث اقترب الذهب من أعلى مستوياته القياسية، متداولًا قرب 4322 دولارًا للأوقية، مدعومًا ببيانات البطالة الأمريكية لشهر نوفمبر، التي عززت الرهانات على توجه الاحتياطي الفيدرالي نحو تخفيف السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة.
تقلبات مرتفعة رغم الاتجاه الصاعد
ورغم الأداء القوي، لا تزال الفضة من أكثر المعادن النفيسة عرضة للتقلبات السعرية، نظرًا لحساسيتها المرتفعة لمتغيرات السوق الصناعية والاستثمارية.
وأشار تقرير صادر عن بنك ING الهولندي إلى أن صغر القيمة السوقية للفضة يجعل تحركاتها السعرية أكثر حدة، صعودًا وهبوطًا، مقارنةً بالذهب.
وحذر البنك من أن المخاطر الرئيسية التي قد تواجه الفضة ترتبط بالجانب الصناعي، إذ قد يؤدي تباطؤ اقتصادي عالمي أعمق من المتوقع إلى تراجع وتيرة الطلب، رغم بقاء الأسعار مدعومة حاليًا بمحدودية المعروض وتحسن البيئة الاقتصادية الكلية.
المخزونات وتدفقات الصناديق
وفيما يخص المخزونات، أظهرت البيانات ارتفاع مخزونات الفضة في بورصة لندن بنحو 1447 طنًا منذ بداية العام، وزيادة مخزونات كومكس بنحو 4311 طنًا، مع تمركز الجزء الأكبر من المخزون في لندن.
وتشير البيانات إلى أن نحو 78% من حيازات الفضة في خزائن جمعية سوق لندن للمعادن الثمينة مدعومة بصناديق المؤشرات المتداولة، مقارنةً بـ65% في نوفمبر 2024.
كما سجلت صناديق المؤشرات المدعومة بالفضة تدفقات قوية، إذ ارتفعت مقتنياتها بنحو 487 طنًا خلال نوفمبر، وبأكثر من 475 طنًا منذ بداية ديسمبر، ما يعكس دخولًا مؤسسيًا واسع النطاق إلى السوق.
توقعات مستقبلية
وتوقع بنك ستاندرد تشارترد أن تمتلك الفضة مجالًا لمزيد من الارتفاع، مع استمرار التقلبات على المدى القصير، في ظل بحث السوق عن مستويات توازن جديدة بعد الارتفاعات الحادة الأخيرة.
كما ترجح تقديرات معهد الفضة العالمي استمرار عجز المعروض للعام الخامس على التوالي خلال 2025، وهو ما يعزز الضغوط السعرية الصاعدة على المدى المتوسط والطويل، بدعم من توقعات خفض الفائدة الأمريكية، وضعف الدولار النسبي، واستمرار تدفقات المستثمرين إلى أدوات الاستثمار المدعومة بالفضة.
ورغم الأداء الاستثنائي، تشير بعض التقديرات إلى احتمال تباطؤ الطلب الصناعي في حال ضعف النمو الاقتصادي العالمي، إلا أن قوة الطلب الاستثماري لا تزال كافية للحفاظ على مستويات الأسعار المرتفعة والحد من أي تراجعات حادة محتملة.





