في أغسطس الماضي، صارح الرئيس عبد الفتاح السيسي جموع المواطنين، بأن الحكومة تعمل على إجراءات تستهدف تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية التي أثقلت كواهلهم، ولم تمض أسابيع حتى بشّرهم بخروجها إلى النور.
جاء ذلك على هامش افتتاحه عددا من المشاريع لمبادرة “حياة كريمة“، إذ أعلن عن ثمانية قرارات شملت زيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية من 300 إلى 600 لكل العاملين بالجهاز الإداري للدولة، والهيئات الاقتصادية،وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام.
كما أصدر الرئيس قرارا بزيادة الحد الأدنى للدخل للدرجة السادسة ليصبح 4 آلاف جنيه بدلًا من 3500 جنيه لكلالعاملين وفقاً لمناطق الاستحقاق، إضافة إلى رفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة 25 % من 36 ألف جنيه إلى 45 ألفلكل العاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات الاقتصادية.
وشملت القرارات، زيادة الفئات المالية الممنوحة للمستفيدين من “تكافل وكرامة” لأصحاب المعاشات بنسبة 15 في المئة وبإجمالي 5 ملايين أسرة، ومضاعفة المنحة الاستثنائية لأصحاب المعاشات والمستفيدين منها لتصبح600 جنيه بدلا من 300 لإجمالي 11 مليون مواطن.
ووجّه السيسي بسرعة تطبيق زيادة بدل التكنولوجيا للصحفيين المقيدين بنقابة الصحفيين، وفقا للمخصصاتبذات الشأن بالموازنة العامة للدولة.
وكشف عن إطلاق البنك الزراعي المصري مبادرة بهدف التخفيف عن كاهل صغار الفلاحين والمزارعين من الأفرادالمتعسرين مع البنك قبل يناير من عام 2022، مع إعفاء المتعثرين من سداد فواتير وغرامات تأخير سداد الأقساطالمستحقة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بنهاية عام 2024.
وللمرة الأولى في مصر تزيد أجور المصريين 5 مرات خلال 4 سنوات، فقد ارتفع الحد الأدنى للأجور من 1200 جنيهفي مارس 2019 ليصل إلى 4000 جنيه في سبتمبر من عام 2023 بنسبة زيادة تتجاوز 230% خلال تلك السنوات،ومن المتوقع أن تكلف تلك الزيادة الموازنة العامة للدولة حوالي 2.5 مليار جنيه شهريًا أي 25 مليار جنيه حتى نهايةالعام المالي (2022/2023) اعتمادًا على أن العاملين بالدولة حوالي 5 ملايين موظف، وفقا لتقرير أعدّه المركزالمصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.
من جانب آخر، يستفيد أصحاب المعاشات الاجتماعية المسجلون في برنامج تكافل وكرامة بحوالي 15%. ووفقًاللبيان المالي للموازنة الخاصة بعام 2023/2024، فقد بلغت مخصصات برنامج “تكافل وكرامة” نحو 31 مليارجنيه، ولذا فإن تلك الزيادة تكلف الموازنة العامة للدولة نحو 3.87 مليارات جنيه خلال الأشهر المتبقية بالموازنة،وقد تم مضاعفة العلاوة الاستثنائية لأصحاب المعاشات الاجتماعية وزيادتها بمبلغ 300 جنيه يستفيد منها نحو 11 مليون مواطن، أي أنها ستكلف الموازنة العامة للدولة شهريًا نحو 3.3 مليارات جنيه، (33 مليار جنيه حتى نهايةموازنة العام 2023/2024).
وثمّن إبراهيم أبو العطا، أمين عام نقابة المعاشات، قرارات الرئيس السيسي اليوم، مؤكدا أنها تدل على إدراك حجمالأزمة التي يعاني منها المواطنون، وتواكب الاحتياجات مع الأمل في المزيد الفترة القادمة. وأوضح أنّ المعاشاتزادت خلال الفترة من شهر نوفمبر 2022 حتى الآن بنسبة تتراوح ما بين 20 % و45 %، مؤكدا أنها “زيادات لمتحدث في تاريخ المعاشات“، مشددا على أن هذه الإجراءات تخفف من معاناة الأزمة على المواطنين وتجعلهمقادرين على مواجهة التضخم.
وأشاد عدد من أعضاء مجلس النواب بالقرارات، مؤكدين أنها “جاءت في توقيت مناسب، لتسهم في تخفيف الأعباءعن المواطنين، خاصة محدودي الدخل، وتعكس مدى انحياز الرئيس للبسطاء وشعوره بنبض الشارع“، مطالبينالحكومة بسرعة تنفيذها القرارات للتخفيف من الأعباء التي يتحملها المواطنون.
وقال النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة، إن الحكومة سترسل قوانين حزمة الحوافز والزيادات الجديدةالمقررة إلى مجلس النواب فور انعقاده في شهر أكتوبر المقبل، على أن يتم إحالتها على الفور. ومن المتوقع أن يبدأالمجلس مناقشة تلك التشريعات المرتبطة بها بمجرد الانتهاء من انتخابات اللجان النوعية لتنعقد بتشكيلها الجديدوإنهاء القوانين الخاصة بتلك القرارات الاستثنائية.
وأضاف أن حزمة القرارات الاستثنائية الصادرة سيتم إنفاقها في إطار موازنة 2023/2024، على أن يتم صرفها بمجردإقرارها من مجلس النواب والتصديق عليها، مشددا على أنها تمثل “انتصارًا مهمًا للمواطن البسيط، وتأتي في توقيتهاالمناسب وسط التضخم الحالي الذي يعد أعلى معدل غير مسبوق“.
وسجّل التضخم السنوي مستويات قياسية، فقد بلغ في أغسطس الماضي 37.4 %، وفقا لبيانات الجهاز المركزيللتعبئة العامة والإحصاء.
ومن المتوقع أن تكلف القرارات الثمانية، الموازنة العامة للدولة 80.62 مليار جنيه على أقل تقدير باستثناء القيمةالمقدرة لبدل التكنولوجيا للصحفيين، والدعم المتوقع تقديمه للفلاحين والمزارعين المتعثرين بداية من يناير2024، والمتعثرين عن سداد الفوائد وغرامات التأخير، وهو رقم مرشح للارتفاع إلى 100 مليار جنيه في حالاحتساب تلك المبادرات الثلاث، وفقا لتقرير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.
وقبل أسابيع، قال الرئيس السيسي إن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد لم “نكن سببا فيها ولكنها (ترجع إلى) ظروف عالمية” مشددًا على أنّ هناك إصرارًا لدى الحكومة على وضع حلول نهائية لتلك الأزمة، عن طريق خطةطموحة جدًا للاقتصاد والصناعة ومستلزمات الإنتاج وتقليل فاتورة الاستيراد.
وكان صندوق النقد الدولي قد خفض في أبريل الماضي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري في 2023 إلى 3.7 % فيالعام المالي الماضي، ليكون التقليص الثاني بواقع 0.3 نقطة مئوية مقارنة بتوقعات يناير، كما خفّض توقعاته لنموّهإلى 5 % في 2024 مقارنةً بنحو 5.3 % في التقديرات السابقة. لكنّ وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، فقد رفعت تقديراتها لنمو الاقتصاد للعام المالي الحالي، ليبلغ 4.8 %، مقابل 4.1 %، وفق تقرير الاقتصاد الكلي “مذكرة البطالة“، الصادر عن الوزارة.