مصر

التعليم الجامعي وذوي الهمم.. تسهيلات مشروعة أم بديل مؤقت لحلول غائبة؟

في خطوة تهدف إلى دعم مبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة التعليمية، كشفت الجهات الرسمية المعنية بتنسيق القبول بالجامعات المصرية عن تسهيلات جديدة مُخصصة للطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، تتضمن إعفاءهم من شرط الحد الأدنى للمجموع في بعض الكليات النظرية والعملية. هذه المبادرة تأتي في وقت تتزايد فيه المطالب بإعادة النظر في آليات دمج ذوي الهمم داخل منظومة التعليم العالي، وضرورة إنشاء مسارات تعليمية مُخصصة تستجيب لاحتياجاتهم الأكاديمية والإنسانية، وسط تحديات قائمة تتعلق بالمناهج، والتجهيزات، والكوادر المؤهلة.

وبحسب البيان الصادر عن مكتب التنسيق، يشمل الاستثناء طلاب الثانوية العامة المصرية أو ما يعادلها من الشهادات العربية والأجنبية من الفئات التالية:

  • ذوو الإعاقة الحركية: يُسمح لهم بالالتحاق بكليات (الآداب – التجارة – الحقوق)، بشرط أن تكون الإعاقة تحول دون قدرتهم على الحركة أو تدوين المحاضرات دون مساعدة.
  •  الطلاب المكفوفون: يحق لهم الالتحاق بكليات (الآداب – دار العلوم – الألسن – الحقوق – الخدمة الاجتماعية).
  • الصم وضعاف السمع: تتاح لهم كليات (التربية النوعية – الاقتصاد المنزلي).
  •  طلاب الدمج: وفقًا لما هو مدون بشهادة الثانوية العامة المصرية، يمكنهم التقدم إلى كليات (الآداب – الحقوق – التجارة – دار العلوم – الألسن – الخدمة الاجتماعية)، على أن يتم تحديد الكلية المناسبة بناءً على تقييم اللجنة الطبية المختصة بالجامعة.

 

وفي تصريحات خاصة لـ”البورصجية”، أوضح الدكتور عاصم حجازي أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة والخبير التربوي، أن تحديد الكليات المتاحة لذوي الهمم يتم وفقًا لنوع الإعاقة، وأن جميع الكليات المشمولة ضمن الاستثناء هي تخصصات لا تتعارض مع الإعاقات المختلفة. وشدد على أن هذا الإجراء لا يُعد تمييزًا إيجابيًا، بل يُمثل إنصافًا لهذه الفئات واستجابة لحقهم في التعليم دون عقبات غير مبررة.

عاصم حجازي.
عاصم حجازي

دعوة لاستحداث مسارات خاصة

رغم أهمية هذا الاستثناء، أشار الدكتور عاصم إلى أن المسارات التعليمية المتاحة حاليًا لذوي الاحتياجات الخاصة ليست مصممة خصيصًا لهم، مطالبًا بضرورة استحداث برامج تعليمية متخصصة تراعي الخصوصية التعليمية والصحية لكل فئة. ودعا إلى إعداد كوادر تدريسية مدربة بشكل متخصص للتعامل مع الإعاقات المختلفة، سواء في المحتوى أو في أدوات وطرق التعليم، لتقديم خدمة تعليمية عادلة ومناسبة.

وأضاف أن هناك فئة من ذوي الهمم تُعرف باسم “مزدوجي الاستثناء”، وهم الذين يعانون من إعاقات لكنهم يتمتعون في الوقت ذاته بقدرات أو مواهب استثنائية، مما يتطلب اعتماد نماذج تعليمية تراعي هذا التداخل بين التحدي والموهبة وتساعد في تنمية كلا الجانبين.

تحديات قائمة تعرقل الاندماج

وفي ختام تصريحاته، ألقى الدكتور عاصم الضوء على أبرز التحديات التي لا تزال تُعيق دمج ذوي الهمم في التعليم الجامعي بشكل فعّال، أبرزها غياب المناهج المصممة خصيصًا للفئات المختلفة، ونقص الكوادر المؤهلة من أعضاء هيئة التدريس والإداريين، وضعف التجهيزات المناسبة داخل الجامعات، بالإضافة إلى غياب الدعم النفسي والتسهيلات الإدارية. وأكد أن تجاوز هذه التحديات يستلزم إرادة مؤسسية واضحة ورؤية استراتيجية شاملة تضمن إشراك ذوي الهمم في الحياة الأكاديمية على قدم المساواة مع أقرانهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *