كانت ظاهرة جديدة عام 2005، هذه المركبة الصغيرة ذات العجلات الثلاث، لكن بعد نحو 19 عامًا باتت تقليد راسخ في شوارع المحافظات المصرية.
ورغم مرور كل هذه السنوات، إلا أن أغلبها ظل بلا تراخيص سواء للمركبة أو السائق، وتسبب “التوك توك” الذي تخطى عدده الـ 5 ملايين مركبة في عملية تسرب للشباب من قطاع الحرف اليدوية بشكل كبير جدًا، وربما كان سببًا مباشرًا في تراجع الحرف اليدوية واندثارها.
يقول ياسر محمود أحد العاملين بورشة تشكيل معادن بحارة اليهود: إن بعض المهن اختفت تمامًا لرفض العمالة التخصص فيها بعد رفضهم للأجر الخاص بها، ومنها “المنشار اليدوى”، مشيرًا أن الورش فى الصيف كانت تمتلئ بالصنايعية، أما الآن لا يوجد سوى عدد قليل لدية خبرة في الحرف اليدوية.
وأكد كلامه عبده محمد صاحب ورش تدريب صناعات حرفية، قائلاً: إن الشباب الآن ليس لديهم صبر للتعلم والتدريب كما فى السابق، فالمكسب السريع أصبح الحلم الأوحد للشباب، والعمل كسائق “توك توك” يحقق هذا الحلم.
فيما يقول مرزوق إمام حاصل على دبلوم صنايع: إنه انتقل بين كثير من المهن المختلفة إلا أنه لم يتحمل عنف وتحكم أصحاب العمل، كما أن اليومية لا تكفى احتياجات منزله؛ لذلك قرر شراء “توك توك” بالتقسيط ليكون ملكًا له وبديل لعمل الورشة.
ولفت محمود أحمد، أن عمله كسائق “توك توك” يوفر له ١٥٠ جنيهًا يوميًا، فذلك أفضل من عمله فى ورشة خراطه، لأن الحالة الاقتصادية التى تمر بها البلاد جعلت الأهالي عزوفين عن شراء منتجات كثيرة فاتجه إلى البحث عن مصدر دخل سريع.
أما عم ريحان عامل لحام وتصنيع قال: إنه ترك ورشته وصنعته لشراء “توك توك” والعمل عليه بدلا من شغلة اللحام والصب المرهقة التى تسببت فى معاناة وآلام لظهره.
وأوضح أن لديه أسرة مكونة من ٤ أفراد، والعمل كسائق “توك توك” مربح، حيث يوفر دخل له ١٠٠ جنيه يوميًا.
ويقول عصام محمد كهربائي: إن “التوك توك” أصبح حلم الكثير من الشباب؛ حيث إن الأعمال اليومية أصبحت موسمية والكثير من الحرفيين شاهدوا صبيانهم أغنى منهم بسبب عمل “التوك توك”.
من ناحيته يقول الدكتور عبد الخالق فاروق خبير اقتصادي: إن الصناعات والحرف اليدوية فى الوقت الحالي تحتاج إلى عملية إدخال آليه؛ لأن أغلب هذه المهن تحتاج إلى جهدٍ كبير، مشيرًا إلى ضرورة مواكبة التطوير التكنولوجي للنهوض بهذه الحرف.
وأوضح في حديثه لـ”البورصجية”، أن ضعف إمكانيات الورش وافتقارها للتدريب جعل من السهل تدمير الصناعات الحرفية بمصر.
ولفت إبراهيم يحيى رئيس قطاع الصناعات التراثية بوزارة الصناعة، أن الصناعات الحرفية تواجه شبح الإنقراض نتيجة لهروب العاملين منها بعد غياب العائد المادي والخبرات الفنية، مؤكدًا أن هناك عقبات أمام توفير الخامات اللازمة لمستلزمات الإنتاج؛ مما جعل الكثير من الشباب يتجه للعمل كسائق “توك توك” لكسب المال.
وأضاف خلال حواره مع “البورصجية”، أنه بدلا من أن كان الشباب يتهافت على الدورات التدريبية التى تعلمهم حرف يعملون بها، عزفوا عن ذلك، واتجهوا إلى العمل على “التوك توك”.