
شهدت منطقة الشرق الأوسط تطورات متسارعة اليوم الثلاثاء، مع إعلان الحرس الثوري الإيراني عن تنفيذ “الموجة 22” من عملية “الوعد الصادق 3″، صباح اليوم، رداً على هجوم إسرائيلي وصفته إيران بـ”البائس”، بينما أعلن وزير الصحة الإيراني عن أعداد كبيرة من القتلى والجرحى جراء الهجمات الإسرائيلية، وفي المقابل، أعرب الرئيس الأمريكي عن عدم رضاه عن الطرفين، فيما سعت الدبلوماسية المصرية إلى التهدئة.
تصعيد إيراني رداً على “هجوم إسرائيلي” وخسائر فادحة في الأرواح:
أصدر الحرس الثوري الإيراني بيانًا اليوم الثلاثاء، أعلن فيه عن تنفيذ “الموجة الثانية والعشرين” من عملية “الوعد الصادق 3″، وأكد البيان أن هذه العملية جاءت “ردًا على الجريمة العمياء” التي ارتكبها “الكيان الإسرائيلي العاجز واليائس والمحبط”، والتي أسفرت عن استشهاد عدد من المواطنين الإيرانيين، وأوضح الحرس الثوري أن هذا الهجوم الإسرائيلي وقع الليلة الماضية، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي طلب وقف إطلاق النار من شركائه الأمريكيين بعد “يأسه من الدفاع الإيراني”.
وأضاف البيان أن الحرس الثوري الإيراني، وفي “اللحظات الأخيرة قبل تنفيذ وقف إطلاق النار المفروض على العدو”، دمر مراكز عسكرية إسرائيلية بإطلاق 14 صاروخًا في مختلف أنحاء إسرائيل، مؤكدًا أن هذه العملية “لقنت العدو الصهيوني دروسًا تاريخية لا تُنسى”.
في غضون ذلك، أعلن وزير الصحة الإيراني، “محمد رضا ظفرقندي”، أن الهجمات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية أسفرت عن مقتل 606 أشخاص حتى الآن، وإصابة 5332 آخرين، وأوضح “ظفرقندي” أن 95% من القتلى سقطوا في لحظات الهجوم وتحت الأنقاض، بينما توفي الباقون بعد نقلهم إلى المستشفيات بسبب خطورة إصاباتهم، وأشار إلى أن الساعات الأربع والعشرين الماضية شهدت أعنف الهجمات منذ بدء “العدوان العسكري للكيان الصهيوني على البلاد”، حيث أصيب 1342 شخصًا وقتل 107.
واشنطن غير راضية ومصر تدعو للتهدئة:
على الصعيد الدولي، أعرب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لشبكة “إيه بي سي نيوز” صباح اليوم الثلاثاء عن عدم سعادته “بإسرائيل أو إيران” بعد أن شاب الساعات الأولى من وقف إطلاق النار تبادلات كلامية، وقال “ترامب” إن إيران وإسرائيل “انتهكتا” وقف إطلاق النار الذي أعلنه في وقت متأخر من مساء الاثنين.
وفي سياق متصل، جرى اتصال هاتفي اليوم بين وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور “بدر عبد العاطي”، ووزير الخارجية الإيراني، “عباس عراقجي”، للوقوف على آخر مستجدات الوضع الإقليمي المتوتر، وجدد “عبد العاطي” خلال الاتصال التأكيد على الأهمية البالغة لعدم المساس بسيادة دول الخليج والدول العربية، وأدان أي انتهاك لوحدة وسلامة أراضيها، مشددًا على ضرورة الالتزام بمبدأ حسن الجوار.
ورحب الوزير “عبد العاطي” باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي، مؤكدًا على ضرورة التزام الطرفين، الإسرائيلي والإيراني، بالاتفاق باعتباره خطوة محورية نحو احتواء التصعيد، كما أكد على ضرورة ضبط النفس واتخاذ إجراءات عملية وملموسة تسهم في احتواء التوتر، مشددًا على حرص مصر على استمرار التنسيق والتشاور مع كافة الشركاء الإقليميين والدوليين.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني احترام بلاده لسيادة ووحدة وسلامة الأراضي القطرية وجميع دول مجلس التعاون الخليجي، والتزامها بمبدأ حسن الجوار، واتفق الوزيران على مواصلة العمل على خفض التصعيد.
بزشكيان يعتبر وقف إطلاق النار “نصرًا”:
اعتبر الرئيس الإيراني “مسعود بزشكيان” أمس اليوم، أن وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع العسكري مع إسرائيل، الذي استمر لمدة اثني عشر يومًا، هو “نصر” لإيران وثمرة “الوحدة والسلام والتماسك” الذي تجلى خلال هذه الفترة، وأشار “بزشكيان” إلى أن العالم كان يراقب قوة إيران المدعومة من شعبها، مؤكدًا أن “نهاية هذه الحرب المفروضة حُددت بإرادة الشعب الإيراني وقوته”، وانتقد “بزشكيان” “نقض العهد والميثاق” من قبل “أعداء إيران”، مؤكدًا أن “الطرف المعتدي” تعرض لعقاب “قاسٍ وتاريخي” بموافقته على وقف الحرب، وأن الضرر الذي لحق به كان “يفوق التصور”، كما وجه رسالة إلى الدول المجاورة والإقليمية، مؤكدًا أن “قوة إيران وقدرتها الدفاعية كانت وستظل دائماً في خدمة السلام والصداقة”.
مسؤول أمريكي: إيران لا تزال تشكل تهديدًا كبيرًا:
صرح قائد عسكري أمريكي كبير أمام المشرعين اليوم، بأن إيران لا تزال تمتلك قدرات تكتيكية “كبيرة” وتشكل تهديدًا للقوات الأمريكية المتمركزة في المنطقة، ونقلت شبكة “إيه بي سي نيوز” الأمريكية عن نائب الأدميرال “براد كوبر” قوله للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي إن القوة الإجمالية لإيران قد تراجعت منذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة، ومع ذلك، أكد “كوبر” أن إيران لا تزال تشكل تهديدًا خطيرًا للقوات الأمريكية والأمريكيين حول العالم، مشيرًا إلى أنهم يمتلكون “قدرات تكتيكية كبيرة”.
تشير هذه التطورات إلى مرحلة حساسة في المنطقة، حيث تتداخل التصريحات القوية والعمليات العسكرية مع الجهود الدبلوماسية لاحتواء التوتر، ويبقى السؤال حول مدى استدامة هذا الهدوء النسبي، وإلى أي مدى ستلتزم الأطراف المعنية بوقف إطلاق النار، مع استمرار وجود التهديدات والخسائر البشرية التي خلفتها هذه الجولة من التصعيد.
اقرأ أيضا: تصعيد إسرائيلي إيراني.. تهديدات متبادلة رغم الهدنة ودعوات إقليمية للتهدئة