
إطلاق منصة إلكترونية موحدة للربط بين المستثمرين المصريين والمغاربة
مشروعات صناعية مشتركة فى السيارات والدواء والنسيج لتعزيز التكامل الاقتصادى
أزمة الحاويات ورسوم مكافحة الإغراق أبرز تحديات التجارة بين القاهرة والرباط
في ظل تسارع الخطط بين القاهرة والرباط لتعزيز شراكتهما الاقتصادية، يسجل التبادل التجاري بين مصر والمغرب طفرة غير مسبوقة، جعلت هذه العلاقة محورًا استراتيجيًا يفتح آفاقًا واسعة أمام الاستثمار والصناعة. فقد أكد المستشار إبراهيم جمال أبو عميرة، رئيس الغرفة التجارية المصرية–المغربية المشتركة، أن حجم التجارة بين البلدين تجاوز 1.1 مليار دولار في عام 2024، مع خطط طموحة تستهدف رفع الصادرات المغربية إلى مصر إلى نصف مليار دولار بحلول 2026.
ورغم هذا الزخم، يشير «أبو عميرة» – في حواره مع جريدة “البورصجية”- إلى أن الطريق لم يخلُ من تحديات، كاشفًا عن ملامح الحاضر ورؤية المستقبل، موضحًا بالأرقام والوقائع فرص التكامل الصناعي، وأبرز القطاعات التي يمكن أن تدفع التعاون الاقتصادي بين البلدين إلى مستويات غير مسبوقة.
** كيف تقيّم حجم التجارة بين مصر والمغرب خلال عام 2024–2025؟
حجم التبادل التجاري بين مصر والمغرب بلغ نحو مليار ومئة مليون دولار خلال عام 2024، مقارنة بنحو 950 مليون دولار في 2023. فالصادرات المصرية إلى المغرب واصلت النمو بمعدلات جيدة، بينما بقيت الصادرات المغربية لمصر محدودة ولم تتجاوز 6% من إجمالي حجم التبادل، وهو ما يعكس وجود فجوة تحتاج إلى جهد أكبر لتحقيق التوازن.
** ما أبرز التحديات التي واجهت العلاقات التجارية مؤخرًا؟
واجهنا خلال الفترة الماضية بعض العقبات، أبرزها أزمة احتجاز نحو 150 حاوية مصرية في الموانئ المغربية مطلع عام 2025، وهو ما أثار بعض التوتر التجاري قبل أن يتم احتواؤه عبر قنوات الحوار المباشر. كذلك، هناك رسوم مكافحة إغراق فرضتها المغرب على بعض المنتجات المصرية مثل: الـPVC والسجاد والطماطم المعلبة، الأمر الذي انعكس على حركة الصادرات.
ومن ناحية أخرى، شهد الميزان التجاري عجزًا متزايدًا بالنسبة للجانب المغربي، حيث ارتفع بنسبة تقترب من 196% منذ عام 2020.
** في ظل هذه المعطيات، ما التطلعات المستقبلية لحجم التجارة بين البلدين؟
نطمح إلى رفع الواردات المصرية من المغرب إلى مئة مليون دولار خلال عام 2025، مع رفع قيمة الصادرات المغربية إلى مصر لنحو نصف مليار دولار في 2026. هذه الأهداف ليست مجرد أرقام، بل هي خطط واقعية تعتمد على مشاريع واستثمارات يتم التفاوض بشأنها حاليًا، مع التركيز على القطاعات الأكثر قدرة على تحقيق التكامل بين البلدين.
** وما أبرز الآليات العملية لتحقيق هذه الأهداف الطموحة؟
الآليات متعددة، في مقدمتها إعادة تفعيل مجلس الأعمال المصري– المغربي المشترك ليكون منصة للتواصل المباشر بين رجال الأعمال من الجانبين، كما نعمل على تعزيز التكامل الصناعي في مجالات محددة مثل: السيارات، الصناعات الغذائية، الأدوية، النسيج والكيماويات، بالتوازي مع الإصلاحات الجمركية المصرية التي تسهل دخول وخروج السلع.
** وماذا عن الاستثمارات المتبادلة بين الجانبين؟
هناك توجه مصري لإقامة مصانع جديدة في المغرب للاستفادة من موقعه كبوابة للأسواق الإفريقية والأوروبية، وفي المقابل نسعى إلى جذب الاستثمارات المغربية إلى مصر، خصوصًا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وقطاع صناعة السيارات وقطع الغيار. هذه المشروعات يمكن أن تفتح مجالًا واسعًا لتوطين الصناعات وتقليل الاعتماد على الاستيراد من أسواق أخرى.
** ما الفرص المحددة لجذب الاستثمارات المغربية داخل مصر؟
المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تمثل نقطة ارتكاز رئيسية، حيث نعمل على جذب رؤوس أموال مغربية إليها باعتبارها منصة لوجستية وصناعية قادرة على النفاذ إلى أسواق آسيا وإفريقيا. هناك أيضًا اهتمام بقطاعات مثل الطاقة المتجددة، الصناعات الغذائية، والنقل البحري، وهي مجالات توفر عوائد سريعة واستدامة على المدى البعيد.
** ما القطاعات التي تراها الأكثر حيوية لتعزيز التعاون الاقتصادي؟
قطاع صناعة السيارات وقطع الغيار يأتي في المقدمة، فالمغرب يمتلك قاعدة صناعية قوية في هذا المجال، بينما تمثل مصر سوقًا استهلاكية كبيرة. كذلك يشكل قطاع الزراعة والصناعات الغذائية مجالًا مهمًا للتكامل، حيث يمكن للمنتجات المصرية المصنعة والمكسبات أن تجد طريقها للأسواق المغربية، في حين يمكن للمنتجات المغربية الطازجة أن تعزز وجودها في السوق المصري. أيضًا قطاعا الأدوية والنسيج يمثلان فرصًا كبيرة للتعاون المشترك.
** ما هي الفرص الحالية بين مصر والمغرب في قطاع السيارات؟
المغرب يمتلك قاعدة صناعية قوية في تصنيع السيارات وقطع الغيار، بينما مصر سوق استهلاكية كبيرة. نستهدف توسيع التعاون الصناعي عبر إقامة مصانع مشتركة، ونقل التكنولوجيا، وزيادة الصادرات بين البلدين.
** كيف يمكن للتحول الرقمي أن يدعم العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين؟
التحول الرقمي أصبح عنصرًا لا غنى عنه، ونحن بصدد إطلاق منصة إلكترونية موحدة للربط بين رجال الأعمال والمستثمرين المصريين والمغاربة، بما يسهل التعاقدات ومتابعة حركة التجارة لحظة بلحظة.
هذه المنصة ستعزز الشفافية، وتقلل من التعقيدات البيروقراطية، وتفتح المجال أمام شركات التكنولوجيا الناشئة في البلدين لتقديم حلول مشتركة.
** إلى أي مدى تساهم الاتفاقيات الإقليمية في دعم التجارة بين مصر والمغرب؟
الاتفاقيات مثل: “أغادير” و”اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية” توفر أطرًا تنظيمية لتسهيل التبادل التجاري، وتقليل الرسوم والحواجز الجمركية، ما يتيح فرصًا أكبر للمستثمرين والشركات في البلدين لتوسيع أعمالهم.