محمد ربيع
حث جيش الاحتلال الإسرائيلي، المدنيين الفلسطينيين على إخلاء مناطق من مدينة رفح جنوب غزة يوم الاثنين، فيما بدا أنه استعداد لهجوم تلوّح به منذ فترة طويلة على معاقل (حماس) في المدينة الواقعة بجنوب القطاع حيث يعيش أكثر من مليون فلسطيني نزحوا جراء الحرب.
وقال شهود إن بعض الأسر الفلسطينية خرجت متثاقلة تحت أمطار الربيع بعد أن تلقت تعليمات من خلال رسائل نصية واتصالات هاتفية ومنشورات باللغة العربية بالانتقال إلى ما وصفها جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنها “منطقة إنسانية موسعة” على بعد 20 كيلومترا.
وقال جيش الاحتلال إنه بدأ في حث سكان رفح على الإخلاء في عملية “محدودة النطاق”. ولم يذكر أسبابا محددة، كما لم يذكر ما إذا كان ذلك سيتبعه أي عمل هجومي.
وتقول إسرائيل إن رفح تؤوي الآلاف من مقاتلي حماس وإن من المستحيل تحقيق النصر دون السيطرة على المدينة.
ومن شأن أي اجتياح واسع أن يوقع خسائر بشرية كبيرة، وهو ما يثير قلق القوى الغربية وكذلك مصر المجاورة التي تحاول التوسط في جولة جديدة من محادثات الهدنة بين إسرائيل وحماس قد تشمل إطلاق سراح بعض الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
وأثارت خطة رفح خلافات معلنة غير معتادة بين إسرائيل وواشنطن. وفي محادثات مع نظيره الأمريكي، ربط وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت عملية الإخلاء اليوم الاثنين بالجمود في الجهود الدبلوماسية غير المباشرة، وهو أمر حمّل حماس المسؤولية عنه.
وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان “خلال مباحثاتهما، ناقش جالانت الجهود المبذولة لإطلاق سراح الرهائن، وأشار إلى أن حماس ترفض في هذه المرحلة المقترحات المطروحة”.
وأضاف البيان “أكد جالانت أن العمل العسكري مطلوب، بما في ذلك في منطقة رفح، في ظل عدم وجود بديل”.
أكبر جريمة إبادة جماعية
في غضون ذلك حذر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، من أن سلطات الاحتلال بدأت فعليا التمهيد لارتكاب أكبر جريمة إبادة جماعية باجتياح رفح جنوب قطاع غزة، محملا الإدارة الأمريكية مسؤولية هذه السياسات الإسرائيلية الخطيرة.
وقال أبو ردينة، في بيان صادر عنه اليوم الاثنين، إن الإدارة الأمريكية التي توفر الدعم المالي والعسكري للاحتلال، وتقف بوجه المجتمع الدولي لتمنع تطبيق قرارات الشرعية الدولية ووقف العدوان، هي التي تشجع نتنياهو وقادته بالاستمرار بمجازرهم ضد الشعب الفلسطيني سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، كما يحدث في محافظة طولكرم ومخيماتها.
وأضاف أبو ردينه، أن اجتياح رفح يعني أن مليون ونصف مواطن فلسطيني سيتعرضون لمذبحة إبادة جماعية، ومحاولات تهجير حذرنا منها سابقا، لذلك نطالب الإدارة الأميركية بالتحرك فورا ومنع الإبادة الجماعية والتهجير، ومحاسبة الاحتلال على الانتهاكات الخطيرة التي يرتكبها بحق القانون الدولي قبل فوات الأوان.
أونروا تحذر
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، اليوم الإثنين، إن أي هجوم إسرائيلي بري على مدينة رفح جنوب قطاع غزة؛ سيعني المزيد من المعاناة والوفيات بين المدنيين، وستكون العواقب مدمرة لـ1.4 مليون مواطن فلسطيني.
وأكدت الأونروا – في منشور عبر منصة إكس – أنها ستحافظ على وجودها في رفح لأطول فترة ممكنة، وستواصل تقديم المساعدات المنقذة لحياة للناس
وقف إطلاق نار إنساني في غزة
بدوره، دعا الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إلى “وقف إطلاق نار إنساني” فوري في قطاع غزة.
وقال بوريل – في منشور عبر إكس – إنه “وفقا للمديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، سيندي ماكين، فإن السيناريو الذي كان يخشى كثيرا منه قد أصبح حقيقة”، مضيفا أن “هناك مجاعة تامة في شمال غزة، وهي تتجه نحو الجنوب”.
وشدد على “ضرورة التنفيذ الفوري لقرار مجلس الأمن رقم “2728”، ووقف إطلاق النار من أجل تبادل الأسرى وإيصال المساعدات الإنسانية لأولئك الذين أوشكوا على الموت بسبب الجوع”.
وأشار بوريل إلى أن إسرائيل ملزمة بتوفير “الوصول الكامل والآمن والسريع دون أي عوائق للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع”.
المرصد الأورومتوسطي يحذر
من جانبه، حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان – في بيان صحفي – من تداعيات إصدار جيش الاحتلال أوامر تهجير للنازحين في رفح أقصى جنوب غزة؛ كتمهيد على ما يبدو لبدء عملية عسكرية تمثل إعلانا بإعدام أكثر من 1.4 مليون فلسطيني في المدينة وتصعيدًا لجريمة الإبادة الجماعية.
وقال المرصد إن جيش الاحتلال أنذر المدنيين بإخلاء الأحياء الشرقية لرفح باتجاه منطقة “المواصي” غرب مدينة خان يونس المجاورة، دون أي توضيح لكيفية نقل المدنيين بأمان إلى المنطقة المذكورة، أو كيفية تنظيمهم فور وصولهم.
وذكر أن المناطق التي طالتها أوامر الإخلاء، تشمل مستشفى أبو يوسف النجار، وهو المستشفى المركزي في رفح.
وأضاف المرصد أن أوامر الإخلاء الجديدة من جيش الاحتلال رافقها التحذير من أن مدينة غزة وشمالها “ما زالت منطقة قتال خطيرة”، ومنع الفلسطينيين من العودة شمالا.
وقال المرصد إن أوامر الإخلاء “الإسرائيلية” تحتوي على مجموعة من الأخطاء الجسيمة بما في ذلك تقديم معلومات متناقضة وتسمية مناطق بشكل خاطئ؛ بما لا يوفر أي ملاذ آمن للمدنيين وقد ينتهك التزام “إسرائيل” بموجب القانون الإنساني الدولي بتقديم “تحذيرات متقدمة فعالة”.
اجتياح رفح الفلسطينية
وقال إن أي عملية عسكرية برية لجيش الاحتلال في رفح؛ تهدد على نحو بالغ الخطورة بارتكاب مجازر مروعة ومذبحة لمئات آلاف المدنيين، لاسيما الأطفال والنساء، ووقف عمليات الإغاثة الإنسانية المنقذة للحياة في جميع قطاع غزة.
وقال المرصد إن الاقتحام الوشيك لرفح؛ ينذر بمذبحة كبرى نظرًا لأعداد النازحين، ويثير مخاوف جدية من سيناريو النزوح القسري والتهجير إلى خارج القطاع.
وطالب المرصد، المجتمع الدولي بالاضطلاع بالتزاماته القانونية الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وتفعيل أدوات الضغط الحقيقية لإجبارها على وقف هجومها العسكري.